روديغر غلاتز: استنطاقُ إرث بازوليني

27 يوليو 2022
(من المعرض)
+ الخط -

منتصفَ العام الماضي، قدّمت الممثّلة البريطانية تيلدا سوينتون، بالتعاون مع المدير الفنّي الفرنسي أوليفييه سايّار، عرضاً أدائياً في "متحف ماتاتويو" بروما، بعنوان "تجسيد بازوليني"، استعادت فيه روح شخصيات المخرج والشاعر الإيطالي (1922 - 1975)، حيث لم تكتفِ بارتداء أربعين زيّاً ارتداه ممثّلو بازوليني خلال تصوير أفلامه، بل تقمّصت أدوارهم، وأضاءت على تفاصيل ونوازع نفسية وأزمات اجتماعية رسمها لهم المخرج الإيطالي في فيلمه.

كان المصوّر الفوتوغرافي الألماني روديغر غلاتز من الذين حضروا ذلك العرض، ليس إلى جانب الجمهور، بل على الخشبة، وقبل ذلك أثناء تحضيره، ضمن مسعىً منه لإنجاز مشروع فوتوغرافيّ انطلاقاً من أداء سوينتون، يقترح فيه رؤيته الفنّية الخاصّة حول أعمال صاحب "ماما روما".

"انعكاسُ بازوليني" هو عنوان المعرض الذي يضمّ الصور التي التقطها غلاتز حينها، والذي يستضيفه "قصر المَعارض" في روما منذ الثامن من تمّوز/ يوليو الجاري وحتى الرابع من أيلول/ سبتمبر المقبل.

يجد زائر المعرض - الذي سبق له أن شاهد أداء سوينتون - وكأنّه أمام عملٍ لم يشاهده من قبل. تغييرٌ يبدأ مع الألوان، التي يختصرها روديغر بالأسود والأبيض، ما يخرجنا من حيّز الأداء الفنّي الآني، العابر، إلى فضاءٍ يُعَلَّق فيه فعلُ الزمن.

من المعرض
من المعرض

وتأتي التأثيرات الفوتوغرافية التي يلجأ إليها روديغر - من تشويش لوضوح الصورة، أو هزٍّ للعدسة يجعل الصورة صورتَيْن أحياناً - ليضيف الكثير إلى هذا الفرق بين العرض الأصلي وصوره.

على أنّ غلاتز، بابتعاده عن آنية العرض، يعود بنا إلى بازوليني وأفلامه، حتى تلك التي صوّرها بالألوان. وكما في "ديكاميرون"، و"ميديا"، و"سالو، أو "120 يوماً في سدوم" وغيرها من أفلام المخرج الإيطالي، نجد أنفسنا، مع صور غلاتز، أمام الشخصيات (ولا سيّما النسائية) نفسها، إنْ كان في الوحدة التي تعتريها - والتي عُرفت عدسة بازوليني بتصويرها -، أو مواجهتها لمصيرها، أو قلقها الوجوديّ، أو عدم انتمائها إلى لحظةٍ تاريخية عابرة، بل إلى ما يشبه حضوراً مستمرّاً، أو ثابتاً؛ حضورٌ وجده بازوليني في نصوص أدبية وفكرية عابرة للقرون، وعثر عليه روديغر غلاتز في شخصيات بازوليني التي استعادتها تيلدا سوينتون.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون