روبرت ساير ومايكل لوفي: الرومانتيكية كنظرة مضادة للرأسمالية

14 نوفمبر 2022
مصنع ببرلين، في لوحة لـ كارل شيفّر، 1920 (Getty)
+ الخط -

تُخبرنا المعاجم اللغوية والكتب المدرسية أن الرومانتيكية عبارةٌ عن تيّار أدبي وفنّي نشأ في أوروبا الغربية ــ ولا سيّما في ألمانيا وفرنسا وسويسرا وإنكلترا ــ خلال القرن التاسع عشر، وأن المؤلّفين المنتمين إلى هذا التيّار عُرفوا برغبتهم في العودة إلى الطبيعة على حساب التمدُّن والحداثة، وبتقديمهم العاطفة على العقل، والحدس على المنطق.

على أن هذا التعريف، وإنْ كان قائماً على شيء من الصواب، إلّا أنه يجتزئ الظاهرة ولا يتوقّف إلّا عند جانب منها هو الجانب الأدبي والفنّي، في حين أن الرومانتيكية تمثّل "نظرةً إلى العالَم"، نظرة لا يمكن حصرها في حقل إبداعي أو عِلمي أو فكري واحد، كما يخبرنا المفكّران الأميركي روبرت ساير والبرازيلي ـ الفرنسي مايكل لوفي.

عن منشورات "بايّو" في باريس، صدر حديثاً كتابٌ جديد لـ ساير ولوفي بعنوان "الرومانتيكية المضادة للرأسمالية، والطبيعة"، وهو عملٌ يستكملان فيه ما بدآه في "الثورة والسوداوية: الرومانتيكية في مواجهة الحداثة" (1992) و"أرواح النار: شخصيات من الرومانتيكية المضادّة للرأسمالية" (2010).

الصورة
غلاف

بعد توقّفهما في أعمالهما السابقة لدى أسماء لطالما ارتبط اسمُها بالرومانتيكية، مثل جان جاك روسو ونوفاليس وفريديريش شليغل، اختار المؤلّفان في عملهما الجديد تعريف القرّاء بأسماء من مختلف الحقول الإبداعية والعِلمية، لم يحظَ الفكر الرومانتيكي في تجاربها بما يكفي من الدراسة، وذلك ضمن مسعى مزدوج: نقْض الأفكار التي تحصر الرومانتيكية بالأدب والفن، والكشف عن امتداد "الرؤية الرومانتيكية" عبر الزمن، حيث عاش المؤلّفون الذين يشكّلون موضوع الكتاب بين القرنين الثامن عشر والقرن الحادي والعشرين. 

الحديث هُنا عن كلٍّ مِن عالم الطبيعيات والرحّالة الأميركي ويليام بارتمان (1739 ـ 1823)، والتشكيلي الأميركي توماس كول (1801 ـ 1949)، والمصمّم والكاتب البريطاني ويليام موريس (1834 ـ 1896)، إضافة إلى المفكّر الألماني فالتر بنيامين (1892 ـ 1940)، والمفكّر الويلزي رايموند ويليامز (1921 ـ 1988)، ووصولاً إلى مُعاصرتِنا، المؤلّفة والناشطة البيئية الكندية نعومي كلاين (1970).

ويرى المؤلّفان أن ما يجمع بين هذه الأسماء، على اختلاف اشتغالاتها، هو ذاك "الاحتجاج الرومانتيكي على الحضارة البرجوازية الحديثة وتدميرها للبيئة الطبيعية"، مُشيرَين إلى أن الهدف من وراء كتابهما هو "إبانة الروابط العميقة، على المستوى الفكري، والثقافي، وحتى على مستوى الأحاسيس، بين الانتفاضة الرومانتيكية ضدّ الحداثة وبين الانشغال البيئي في وجه تهديدات الحداثة للطبيعة".

المساهمون