رضا دوست.. فاكهة تقود إلى بلاد فارس

24 يونيو 2024
يحفُّ الأسود بمُحيط الفاكهة مُمتدّاً إلى إطار اللوحة (من المعرض)
+ الخط -
اظهر الملخص
- رضا دوست، الفنان الإيراني المُقيم في كندا، يُعرف برسم الأجساد المتعبة والوجوه المنهكة، لكنه يتجه في معرضه الأخير "أبقِها طازجة: الطبيعة والحنين" نحو الطبيعة الصامتة، مستلهمًا الفواكه كوسيلة لاستعادة تراث بلاده الفني.
- يُظهر دوست في لوحاته حبّات الرمان والتفاح والليمون والزيتون بأسلوب حداثي، مُحافظًا على إرث المنمنمات الفارسية، ويُعيد تفسير أحداث الحياة مستوحيًا من أعمال أساتذة الفُرس القدامى.
- المعرض يُبرز كيف يمكن للطبيعة الصامتة أن تتجاوز الاحتكارات الغربية، مُعيدًا تقدير الطبيعة والحنين من خلال الألوان والخطوط التي تُعبر عن تنوع وغنى التراث الفني الإيراني وتأثيره عبر الزمان.

ربّما كان رسمُ الأجساد التي هدّها التعب، والوجوه المنهَكة والمشاهد الملتقَطة من الحياة اليومية، أكثر ما ظلّ يُميِّز أسلوب الفنّان الإيراني المُقيم في كندا رضا دوست (1974)، طوال مسيرته الفنّية التي تمتدّ منذ منتصف التسعينيات. لكنّنا نراه يحيد عن ذلك قليلاً هذه المرّة، ليلتفت نحو الطبيعة الصامتة في معرضه "أبقِها طازجة: الطبيعة والحنين"، الذي افتُتح في "منصّة الفنّ المُعاصر" بالكويت العاصمة، في العاشر من الشهر الجاري، ويتواصل حتى العاشر من تموز/ يوليو المُقبل.

يستحضر التشكيلي الفواكه في لوحاته، ويعبُر من خلالها نحو تراث بلاده الفنّي. بهذا تصبح حبّات الرمّان وثمار التفّاح والليمون والزيتون إشاراتٍ حيّة، رغم وضعيّاتها "الصامتة"، تنقل لنا الخلفيات التشكيلية التي استمدّ منها دوست تصوّراته وأثّرت في أعماله.

لوحاتٌ مشغولة بأسلوب حداثي لكنّها تُذكّر أيضاً بإرث المُنمنمات

وفي تقديمه للمعرض نجده يكتب: "لسنوات، كنتُ أسافر دائماً مع بعض رسوماتي ومقتطفات من الصور وبعض مكعّبات السكّر. هذه العناصر بمثابة الأساس لعملي. وبينما كنتُ أحتسي الشاي المرّ مع مكعّب سكّر يذوب في فمي، أحدّق في هذه القطع المجمّعة، والمأخوذة من أعمال أساتذة الفُرس القُدامى، وأتأمّل تفسيراتهم لأحداث الحياة عبر أزمنة وأماكن مختلفة".

الصورة
من معرض دوست - القسم الثقافي
يستعيد أجواء التشكيل الفارسي الذي صوّر الطبيعة بأشكال مختلفة

تَكرّس مفهوم الطبيعة الصامتة (Still life) الغربي، حتى في الأكاديميات العربية والإسلامية، وذلك بفعل الكثير من المفاهيم المركزية التي هيمَنت طويلاً على حركة التشكيل، لكنّنا مع لوحة رضا دوست نعود لنُلامس وجهه "الطازج" بعيداً عن الاحتكارات الغربية. فهذه هي عناصر الطبيعة مبثوثة في كلّ أنحاء الكوكب، ولا مجال لتلزيمها لجهة من الجهات. ومن هُنا يعطفُ التشكيلي "الحنين" على الطبيعة، مستعيداً إرث "أساتذته الفُرس" عبر التاريخ، الذين طالما صوّروا الطبيعة بأشكال وأساليب لا حصر لها في منمنماتهم.

أمّا من حيث المستوى اللوني، فلا تبدو اللوحة في "الطبيعة والحنين" محصورةً بما هو ماثل أمام العين من ألوان رئيسية، وإن كانت تميل أكثر صوب التدرُّجات الغامقة، كما يحفُّ الأسود ذو الخطوط الكثيفة بمُحيط الفاكهة المُصوَّرة، مُمتدّاً إلى إطار اللوحة. من ناحية أُخرى، فإننا نُعاين أيضاً الأخضر والأصفر والأحمر، في حواريّة واحدة لا تنعزل فيها الألوان.

الصورة
من معرض دوست - القسم الثقافي
(من المعرض)

وكان قد تلا افتتاح المتحف بيومين عرضٌ حيّ موسيقيّ - تشكيلي بعنوان "صرخة الملائكة" جمَع كُلّاً من التشكيلي الإيراني، الذي رسم لوحته أمام الجمهور، بمواطنه عازف الناي آرشان رحيمي، عبّرا من خلاله عن قُدرة الفنون على مواجهة التوحّش الإنساني الطاغي على الكوكب.

وُلد رضا دوست في أصفهان عام 1974، وتدرّج في دراسته الفنَّ التشكيلي حتى حاز الدكتوراه من "جامعة طهران"، وهو يُقيم اليوم في كندا. وتوزّعت أغلبيّة المعارض الفردية التي قدّمها (أكثر من 15 معرضاً) بين مُدن أصفهان والكويت العاصمة والدوحة والمنامة، إضافة إلى فانكوفر.
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون