رحيل عبد الحليم الكوندي: انشغال بتراث الأندلس في تونس

11 يوليو 2023
عبد الحليم الكوندي
+ الخط -

يُعَدّ عبد الحليم الكوندي، الذي رحل عن عالمنا يوم أمس الإثنين (1945 ــ 2023)، من أبرز الكتّاب في تراث الأندلس والموريسكيين في تونس، وتوثيق إبداعاتهم خلال القرون الماضي، بالإضافة إلى مساهمته الرئيسة في ترميم ساعة الجامع الكبير في مدينة تستور (75 كلم جنوب غرب تونس العاصمة).

حرص الراحل، خلال العقد الأخير، على تقديم مجموعة محاضرات يروي خلالها ما سمّاه "دراما الموريسكيين" حين طُردوا من ديارهم على ثلاث مراحل في القرون الـ 13 و15 و17 الميلادية، حيث توسّع في تفصيل تفرّعات أسماء الأسر الأندلسية التونسية، ومناطق استقرارها، هو الذي يذكر بأن جذوره تعود إلى عائلة غادرت الأندلس إلى تونس نهاية القرن الخامس عشر.

وشارك الكوندي في مشروع إعادة تشغيل ساعة مسجد تستور التي توقّفت عن العمل بعد نحو ثلاثة قرون من إنشائها على يد على يد محمد تغرينو، أحد الأندلسيين الذين وفدوا إلى المدينة، وكانت تدور سابقاً بشكل معاكس للاتجاه المألوف لدوران العقارب، حيث تشير روايات شعبية إلى أن الأندلسيين كانوا يعمدون تشويه أعمالهم المتقنة خوفاً من الحسد.

قدّم مجموعة محاضرات روى خلالها ما سمّاه دراما الموريسكيين‘ منذ القرن الثالث عشر

وأصدر مؤلفات عدّة؛ مثل "ساعة تستور تسترجع الزمن" (2015)، و"ساعة تستور الأندلسية.. تدور" (2016)، و"عندما تستيقظ تستور الأندلسية لتستعيد الزمن" (2022)، إلى جانب مقالات ومحاضرات في هذا المجال.

في كتابه "ساعة تستور الأندلسية.. تدور"، ينطلق من رحلة البحث عن عن قبر جدّه البعيد، علي الكوندي، الذي دُفن في تستور منذ أربعة قرون، حيث سافرت عائلته لاحقاً واستقرّت في العاصمة، ليصل إلى القبر الذي يقع على هضبة في أولها صومعةٌ ساعتُها معطّلة، وأرقامها مكتوبة بشكل غير اعتيادي.

مسجد تستور الكبير (Getty)
مسجد تستور الكبير (Getty)

ويتناول الكوندي في الكتاب دوران الساعة وفق التراث الأندلسي، إلى العكس ممّا اعتدناه اليوم، ويقارنه بساعات مماثلة في مناطق مختلفة من العالم. ويفصّل أيضاً رحلة الشتات التي قادت الأندلسيين إلى تونس، وحضورهم في تاريخ البلاد، ومن ذلك دورهم في سقوط الدولة الحفصية، وكذلك علاقتهم مع بقية المكوّنات الاجتماعية.

كما يناقش أيضاً التخطيطات الهندسية لساعة تستور، وصولاً إلى الإداريات والتدشينات الرسمية وحيثيات الدعم الذي وفّرته أجهزة الدولة والمجتمع المدني لمشروع ترميمها، حيث كان هذا المشروع جزءاً من رؤيته لتعزيز السياحية الثقافية والتراثية في مدينة أجداده.

المساهمون