كان الأقرب إلى الصواب أنْ يُكتَب الخبر على هذا النحو: "فازت جائزةُ الملكة صوفيا للشعر بأعمال راؤول زوريتا"؛ هذا ما شعرنا به حين أعلن، في أيلول/ سبتمبر الماضي، عن فوز الشاعر التشيلي بأرفع جائزة مخصّصة للشعر الإيبيروأميركي في دورتها التاسعة والعشرين عن مجمل أعماله باعتباره شاعراً يمثلّ صوت زماننا وآلامه الجمّة.
يمثّل الألم عنصراً أساسياً في شعر زوريتا، وهو ألمٌ لا يستجدي، بل ألمٌ أصيل موجود ضمن مخلوقات الكون، بل هو مخلوق وكائن حيٌّ بحدّ ذاته... ألمٌ غير مصطنَع ولا مبتدَع في أبيات زوريتا وفي نظرته، في حشرجة صوته وفي تعابير وجهه وإيماءات يديه، ألمٌ يهمس أحياناً وأحياناً يصرخ، وفي الحالتين يحمل القارئ على الإنصات، وهو إنصات منشؤه إنصات الشاعر نفسه للألم وللمتألّمين من حوله.
عندما أتيحت لي العام الماضي، مع الصديق المترجم أحمد محسن، تجربة إجراء لقاء مع زوريتا، استقطعنا وقتاً لإبداء إعجابنا بشعره، وسرعان ما لمحتُ حمرة خدَّيه.
هذا الشاعر الذي حظي بتقديرات على مستويات ثقافية دولية، ويرى كثيرٌ من النقّاد والجمهور استحقاقه "جائزة نوبل للآداب"، يُقابِل الإطراء بكثير من الخجل. "لستُ صاحب تجربة منفردة، تجربتي عادية، مثل أي إنسان"، قال لنا بالخجل الأصيل نفسه.
* صحافية ومترجمة فلسطينية أردنية مقيمة في نيكاراغوا