ذكرى ميلاد: كامل التلمساني.. من التشكيل إلى السينما

15 مايو 2022
(إحدى لوحات كامل التلمساني)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم الخامس عشر من أيار/ مايو ذكرى ميلاد الفنان التشكيلي والمخرج السينمائي المصري كامل التلمساني (1915 -1972).



في كتابه "الفن المصري الحديث"، يشير الناقد والفنان المصري مصطفى الرزاز إلى أن كامل التلمساني، الذي تحلّ اليوم الأحد ذكرى ميلاده، كان ضمن الفريق الطليعي المتمرّد الذي كوّن "جماعة الفن والحرية"، وتبنّى المذهب السريالي للتعبير عن الغضب من الأكاديمية والمحافظة والشكلية في التعبير الفني، والذي يفتقر إلى العمق الثقافي والشخصية المستقلة، فتكونّت الجماعة بريادة الشاعر جورج حنين والفنّانين رمسيس يونان وفؤاد كامل مع كامل التلمساني في عام 1939، واتخذت الجماعة موقفا جسوراً من القضايا الاجتماعية والإنسانية".

ويوضّح الرزاز أن أعضاء الجماعة تشرّبوا الأفكار الاشتراكية والتقدمية من حلقات وصالونات الفكر التي كان يؤمّها في مصر أثناء الحرب العالمية الثانية مفكّرون وفنّانون وأدباء أوروبيّون ممّن يعيشون في مصر، فترعرعت في عقولهم أفكار الحرية المطلقة ورفض الضوابط الاكاديمية والشكلية والتحموا مع حركة السريالية العالمية، وأنشأوا مجلة "الفن الحر"؛ حيث ناصروا فيها الفنانين الذين عانوا من مطاردة النازيين، وأصدروا البيانات وأقاموا المعارض منذ عام 1940.

عبّر التلمساني نفسُه عن مستوى آخر من تجربة السرياليين في مصر، حيث كتَب في مقالٍ نشره عام 1939: "هل رأيتَ يا سيدي 'عروسة المولد الحلاوة' ذات الأيدي الأربع؟ هل رأيت عرائس القراقوز الصغيرة؟ وهل سمعت قصص أمّ الشعور والشاطر حسن وغيرها من الأدب الشعبي المحلّي... كلُّ ذلك يا سيدي سيرياليزم. هل رأيت المتحف المصري... كثير من الفن الفرعوني سيرياليزم. هل رأيت المتحف القبطي... كثير من الفن القبطي سيرياليزم. إنّنا لا نقلّد المدارس الأجنبية، بل نخلق فنّاً نشأ من تربة هذه البلاد السمراء وتمشّى في الدماء من يوم كنا نعيش بتفكيرنا المطلق حتى هذه الساعة يا صديقي".

آمن بأن السريالية لها جذورها في الفن الفرعوني والقبطي وليست مجرد تقليد لمدرسة غربية

غلبت هذه المناخات على اللوحات التي كان تحتشد في مرسم الفنان التشكيلي والمخرج السينمائي المصري (1915 - 1972) بحارة درب اللبانة في حي القلعة القاهري، حيث رسم بالألوان المائية والحبر الصيني عشرات الرسومات التي هيمن عليها السواد، ومنها عمله المعروف الذي صوّره فيه الكاتب ألبير قصيري بين أشباح سريالية.

وبيّن الرزاز أنّ التلمساني تحوّل إلى فن السينما والتعبير الأدبي، إذ شعر أنّ فن الرسم يضيق بطاقته التعبيرية ولا يمكّنه من التواصل مع الجماهير العريضة التي استطاع من خلالها التعبير أكثر عن مواقفه السياسية والاجتماعية التقدمية، بعد أن أيقن أن تلقّي القن التشكيلي يقتصر على البورحوازية المصرية.

كامل التلمساني
كامل التلمساني

في عام 1943 التحـق بـ"إسـتوديو مصـر" وبدأ مـشواره السينمائي بالعمل كمساعد في الإخراج والمونتاج والإنتاج، كما بدأ الكتابة في السينما، التي تميّزت البـساطة مع شيء من الصـرامة والتحديد وعدم المرواغة في الفكر أو القول أو التعبير عما يشعر به، وقام بتحرير زاوية "خلف الكاميرا" في "مجلة السينما" التي كانت تصدر خلال الأربعينيات.

قدّم التلمساني العديد من الأفلام التي قام بتأليفها وإخراجها ومنها: "السوق السوداء" (1945)، و"البريمو" (1947)، و"البوسطجي" (1948)، و"شمشون الجبار" (1948)، و"كيد النساء" (1950)، و"الأستاذ شرف" (1954)، و"الناس اللي تحت" (1960)، كما كتب سيناريوهات أفلام أخرى: مثل "امسك حرامي" (1958)، و"الحب الكبير" (1968)، و"صراع مع الحياة" (1971).
 

المساهمون