ذكرى ميلاد: عبد الرحمن الرافعي.. تأريخ الوعي القومي في مصر الحديثة

08 فبراير 2021
(عبد الرحمن الرافعي، 1889 - 1966)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثالث من شباط/ فبراير، ذكرى ميلاد المؤرخ المصري عبد الرحمن الرافعي (1889 – 1966).


في كتابه "عصر محمد علي" الذي صدرت طبعته الأولى عام 1930، يشير عبد الرحمن الرافعي إلى أن مؤلّفه هذا يشكّل الجزء الثالث من سلسلة عنونها بـ" تاريخ الحركة القومية وتطوّر نظام الحكم في مصر"، حيث تضمّن الجزء الأول عصر المقاومة الشعبية التي اعترضت الحملة الفرنسية على مصر، وتناول الجزء الثاني تنمية وقائع المقاومة حتى انتهاء الحملة.

ويذهب في هذا الجزء إلى قراءة اللحظة التي ارتقى من خلالها محمد علي باشا الحكم مستنداً إلى "إرادة الشعب" ليكون "أول من استعان بالعامل القومي الذي ظهر على مسرح الأحداث السياسية، وأنه من هذه الناحية ثمرة من ثمرات الحركة القومية، ودور من أدوارها التاريخية، اقترن ظهور بظهور العامل القومي، وكانت ولايته نتيحة اختيار وكلاء الشعب ومناداتهم به والياً مختاراً على مصر..".

لم يغفل حركة المجتمع وحضور العديد الشخصيات المصرية في بناء دولة محمد علي

وفق زاوية النظر هذه، يرى الرافعي أنه قد تحقّق في هذا العصر "سيادة وحضارة وعمران" مستعرضاً جميع الحروب والحملات العسكرية التي ثبّتت استقلال البلاد وسيادتها منذ عام 1805، وصولاً إلى لحظة انتصار الجيش المصري على الجيوش العثمانية سنة 1840، فكان أن ألّبت بريطانيا التي أخفقت قبل ذلك التاريخ في احتلال مصر مرتين، وبقية الدول الأوروبية لوقف التوسّع المصري.

يقارب صاحب كتاب "شعراء الوطنية" محطّات أساسية كان لها دورها في بناء الوطنية المصرية على يد محمد علي وابنه إبراهيم، لكنه لا يغفل حركة المجتمع وحضور العديد الشخصيات المصرية في تلك المرحلة بدءاً من سنة 1808 حيث يعود الفضل إلى دحر الحملة البريطانية على مصر إلى تضحيات المصريين وما بذلوه من مقاومة، وهم بذلك الداعم الحقيقي لمشروع الأسرة العلوية.

يفرط الرافعي أحياناً في لغته الحماسية وأسلوبه المعتمد على لغة كلاسيكية تحفل بالبلاغة، لكنه يقدّم تحليلاً يستند إلى الواقع ويحيط بعناصر متعددة في المشهد السياسي والاجتماعي لسير الأحداث المحلية والإقليمية والدولية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر.

وعبّرت سلسلة تاريخ القومية في مصر التي صدرت في خمسة عشر جزءاً، عن مجمل مشروعه لكتابة تاريخ مصر الحديثة، وهو الذي تخرج من مدرسة الحقوق الخديوية سنة 1908، وانشغل باكراً بدراسة علاقة التاريخ بالوعي القومي، وبنشوء وتطور الدولة القومية الحديثة، وكان يدعو إلى تطوير الزراعة وتنمية الريف المصري كأساس لأية نهضة سياسية واقتصادية، حيث التصنيع وتحديث المجتمع بالنسبة إليه لا يأتي قبل تنمية الأطراف.

انضم الرافعي إلى "الحزب الوطني" بقيادة مصطفى كامل عام 1907، كما عمل بعد تخرّجه بالمحاماة إلى جانب عمله الصحافي محرراً في "جريدة اللواء" التي كان يصدرها الحزب، وصدر كتابه الأول سنة 1912 بعنوان "حقوق الشعب" الذي تضمّن رؤية لدولة مدنية حديثة يحكمها الدستور، كما كان جزءاً من الجهاز السري لثورة 1919.

واهتم بتأريخ الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي والنقابي لمصر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين من خلال جملة مؤلّفات منها: "نقابات التعاون الزراعية" (1914)، و"الجمعيات الوطنية" (1922)، و"الثورة العرابية والاحتلال الإنكليزي" (1937)، و"مصطفى كامل.. باعث الحركة الوطنية" (1939)، و"مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال" (1942)، و"ثورة 1919" (1946)، و"مقدمات ثورة 23 يوليو 1952" (1957)، بالإضافة إلى تدوين سيرته الذاتية في كتاب "مذكراتي"، وتوثيق عمله كنائب في مجلس الشعب المصري في كتاب "أربعة عشر في البرلمان".

المساهمون