تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. تصادف اليوم، الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير، ذكرى ميلاد المؤرّخ الأدبي المصري شوقي ضيف (1910 -2005).
مع أواخر عصر النهضة العربية، وبعد ترتيب عددٍ من الأولويات مثل نقل المعارف الأساسية أو نقد المجتمع والخلل السياسي، ظهر مشروع توزّع بين عدّة مشتغلين بالثقافة وقتها وهو التأريخ للأدب العربي، وكانت أهم المشاريع في هذا السياق أعمال طرحها حنا الفاخوري في لبنان وشوقي ضيف في مصر، ويعتبر الأخير إلى اليوم مرجعاً للتأريخ للأدب العربي، حيث أنه اجتهد في دراسة مختلف العصور بموضوعية، ووضخّ في عمله الكثير من الأدوات المنهجية الحديثة، إضافة إلى براعة أسلوبية حبّبت القرّاء في التاريخ الأدبي.
تميّز هذ العمل عن سابقيه أيضاً بالرؤية الموسوعية، حيث أنه تناول الأدب ليس فقط باعتباره نتاج كاتب أو شاعر، بل أنه أيضاً إطار تتجمّع ضمنه مؤثرات السياسة والحركات الاجتماعية والواقع الاقتصادي، ناهيك عن أثر الرواة ونقاد الزمن الذي ظهر فيه.
استغرقت كتابة "سلسلة تاريخ الأدب العربي" قرابة ثلاثة عقود، بدأت بالفترة "الجاهلية" وانتهت إلى أواخر زمن القصيدة العمودية، وقد اعتبر حضور شاعر في زمنه ضمن أحد نصوصه نوعاً من الاعتراف به، وإن كان لضيف عدد من المنتقدين كانوا يشكّكون في معارفه ودقّته العلمية.
إضافة إلى هذا المشروع الضخم، ألّف المؤرّخ والناقد المصري حوالي خمسين كتاباً، من أبرزهم كتاباه "الفن ومذاهبه في الشعر العربي" و"الفن ومذاهبه في النثر العربي"، وقد اتسما أيضاً بالروح الموسوعية، ويعتبرهما كثيرون مقدّمة ضرورية قبل اقتحام قراءة "سلسلة تاريخ الأدب العربي" أو مختصراً لها.
ومن أعماله الأخرى: "البلاغة، تطوّر وتاريخ"، و"فصول في الشعر ونقده"، و"شوقي شاعر العصر الحديث"، و"الشعر وطوابعه الشعبية على مر العصور"، و"في التراث والشعر واللغة"، و"في الشعر والفكاهة في مصر"، و"الحب العذري عند العرب"، و"من المشرق والمغرب: بحوث في الأدب".