ذكرى ميلاد: إدمون عمران المالح.. المغرب بجذوره المتعدّدة

30 مارس 2021
(إدمون عمران المالح، 1917 - 2010)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثلاثون من آذار/ مارس، ذكرى ميلاد الروائي المغربي إدمون عمران المالح (1917 – 2010).


في كتابه الأخير "رسائل إلى نفسي" (2010) أراد إدمون عمران المالح الذي تحلّ اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاده، تتبّع سيرته الذاتية في سياق التأكيد على مواقفه الثابتة بانتمائه إلى المغرب بلداً وهوية لا يتخلّى عنهما، وهو الذي ينتمي إلى الديانة اليهودية، وعلى حلمه الذي لم يتحقّق بالصلاة ذات يوم في القدس بعد تحريرها من الاحتلال.

يدوّن الروائي المغربي (1917 – 2010) في الكتاب نفسه "ارتأيت أن أوجّه رسائلي إلى نفسي بصيغة المفرد، ثم عدلت عن ذلك لأن الاحترام اللازم توافره إزاء النفس أضحى عملة نادرة في زماننا"، وهو يوّجه رسائله إلى كلّ تلك الشخصيات المتعدّدة في داخله، فهو القرين والصديق والآخر والعدو لذاته في آن.

وذهب في هذه الرسائل أيضاً إلى اختزال جملة قراءاته المتعدّدة والثرية وكذلك تلخيص كتاباته التي وضعها من منطلق إيمانه كسياسي ومثقف وإنسان عايش ظروفاً صعبة من تاريخ المغرب، حيث كان منتسباً للحزب الشيوعي المغربي، ومعارضاً لنظام الحكم ما دفعه إلى الانتقال إلى منفاه الاختياري في فرنسا عام 1965 والإقامة فيه أكثر من ثلاثة عقود قبل أن يعود إلى وطنه عام 2000، ويمضي فيه آخر أيام حياته.

اختار مسار الكتابة في سن متأخرة كان قد تجاوز الستين، فأصدر كتاباً سيرياً بعنوان "المجرى الثابت"

كما تضمّنت تأملاته الفلسفية والأدبية في عدد من الشخصيات التي اشتبك معها بصورة أو بأخرى مثل جان بول سارتر وإلياس كانيتي وميشيل فوكو ولويس بورخيس وآخرين، كما تجوّل بين أمكنة عدّة تتصل بتاريخه الشخصي بوصفه ابناً لأحد المهاجرين من الأندلس بعد سقوطها وإقامة محاكم التفتيش.

وُلد الراحل في مدينة أسفي على المحيط الأطلسي، وتعود أصوله إلى إحدى القبائل الأمازيغية جنوب جبال الأطلس تدعى آيت عمران، وفي روايته "ألف يوم ويوم" تحدّث عن هجرته إلى باريس ليعمل مدرّساً لمادة الفلسفة فيها، معتبراً أن ما تقوم به الحركة الصهيونية من تنشيط لتهجير يهود المغرب إلى "إسرائيل" هو بمثابة كارثة كبرى من شأنها أن تطمس مغربيتهم التي ينتمون إليها مثل بقية المكوّنات الأخرى في المجتمع، لا يشكّلون في ذلك أيّ اختلاف عن غيرهم.

اشتغل المالح مدرساً في بداية مشواره مدرساً للفلسفة في الدار البيضاء وصحافياً في "جريدة الأمل" (ليسبوار) حيث كتب باسم مستعار هو عيسى العبدي في الثقافة والسياسة وشؤون المجتمع، ومنها تحقيقات تتناول مظالم العمّال والفلاحين في أشدّ فترات القمع الذي عاشها المغرب.

اختار مسار الكتابة في سن متأخرة كان قد تجاوز الستين، فأصدر كتاباً سيرياً بعنوان "المجرى الثابت" عام 1980، ثم توالت كتبه التي ركّز فيها على نضال المغاربة من أجل الاستقلال، وتعدّد هويته الثقافية وعلاقته باللغة الأم، والتراث الصوفي اليهودي، ونضالات الشعب الفلسطيني.

أصدر المالح نحو عشرة كتب منها "أيلان أو ليل الحكي" (1983)، و"ألف عام بيوم واحد" (1986)، و"عودة أبو الحكي" (1990)، و"أبو النور" (1995)، و"حقيبة سيدي معاشو" (1998)، و"المقهى الأزرق: زريريق" (1998)، و"كتاب الأم" (2004).

المساهمون