خيطٌ خفيفٌ من العزلة

25 اغسطس 2023
سيّد سعد الدين/ مصر
+ الخط -

أن أتوقّفَ عن الركض،
‏أقول لهذا العالم أنني متيبِّسة
‏أنني سئمتُ الاختلاط بالنهر الهادر
‏وأبحثُ الآنَ عن بركةٍ مُحاطة بالأعشاب
‏يأخذ موجُها الخفيف
جسدي الهامد
إلى ضِفّةٍ أُخرى
‏بلا تدخّلٍ منّي.

أن أمشيَ في محطّة المترو الخالية مساء الأحد
ببُطءٍ شديد،
ثمّ أتركُ الدرجَ الكهربائي يلعب لمرّة 
الدورَ الذي صُنِعَ من أجله:
يرفع جسدي الجامد إلى الشمس
أخرج 
أنتظر من الشوارع...
أن تجدني
من الطُّرقات...
أن تتركَني أضيعُ بوداعة
أستسلم للدوخة الخفيفة
أشتري فطيرةً ساخنة من البائع في زاوية الشارع
ثم أجلس على الرصيف
ألتهمها بلا عجَلة
أتمرّن على ذلك الفنّ الإيطالي:  
"Dolce far niente
"برقّة لا أفعل شيئاً"
كأن لا أحد ينتظرني
أو ينتظر منّي شيئاً...
ولا أنا أنتظر أحداً
ولا أنتظر شيئاً…
"أتبدّد بعذوبة"
يقول باريكو
هكذا
تسقط كلُّ الآمال
في المياه المتدفِّقة التي وضعتُ قدمي خارجها.
البلَلُ لا يعود يُصيبُ مني شيئاً
إلّا هذا الخيط الخفيف من العزلة
يربطني بالحياة
ويفصلني عنها.

هكذا
على زاوية رصيف
أمضغ ببطء فطيرةً ساخنة
وأشعر بمذاق يُشبه
مذاق العدم.


* شاعرة لبنانية مُقيمة في فرنسا
 

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون