استمع إلى الملخص
- يعبر النص عن الحنين العميق للطبيعة والبساطة، مستذكرًا أماكن مثل "باي دي برون" و"تيسندرلو" التي تجسد جمال الخلق والتواصل الروحي مع العالم الطبيعي.
- ينتقد الكاتب بشدة الحياة الحضرية، مصورًا المدن كمصانع ضخمة تفتقر إلى الإنسانية والفرصة لاستكشاف الذات، بينما يصف الريف كملاذ للهناءة والتواصل العميق مع الطبيعة.
أتنقّل طوال عمري بين المدن والبيوت والقارّات. وإن ظفرتُ بمسكن ريفيّ، أَبلغ النيرفانا الأرضية، حيث هناك مساحة للهدوء والتأمّل ومعايشة تفاصيل الطبيعة. أمّا إن رزأني زماني بمدينةٍ هي الأكثر نشاطاً، مثل أنتويرب، فأشعر بأنّي مظلومٌ ومكتوم الرئتَين. ثمّ يحدث هذا الأمر معي كثيراً: البكاء على أطلال الريف.
البكاء على "باي دي برون"، الحيّ البرشلوني الجبلي، والبكاء على "تيسندرلو" السهلية في مقاطعة "ليمبورخ"، حيث رأيتُ في كليهما الله الجميلَ وما خلقَت يداه المقدّستان من طبيعة نباتات وطبائع بشر وجَمال، حتّى في لون السماء الذي لا ينفد.
كلُّ المدن عندي متطلّبة وغير تمكينية. كلُّ المدن عندي بنت رساميل شعواء، وفيها لا يُمكن لك إلّا أن تكون ترساً في آلة، بلا فرصة في أن تستكشف لأوّل أو آخر مرّة، جانبك الحسّاس.
أمّا في الريف، ألبوم العالم الصافي، فنتحدّث مع النجم والقمر والغابة والعصفور، وزهرة زرقاء، وشجرة برتقال شابة، لا تحمل برتقالاً وإنّما تفيض بوردات جورية كبيرة وحمراء مثل الدم.
لا غرو أنّ العيش هناك مقدّمةٌ للهناءة وراحة البال، بعيداً عمّا نسمعه وما لا نسمعه في التسجيل، من جعير العربات والمركبات.
لقد كان عليَّ دائماً أن أبذل جهداً إضافياً للتأقلم، بلا طائل.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا