"بيروت 1840 - 1918": معالم مدَنية أُولى

تُحاور الفنونُ الحاضرَ ومُجرياته، وإن اتّخذت من الماضي أو أيّ زمن آخر، بما فيه من إشارات رمزية، مساحةَ اشتغال لها. وفي بلد مثل لبنان، يعيش في حاضر من الأزمات المُركّبة، باتت موضوعة التاريخي والإحالة الأرشيفية إلى فترة معيّنة منه، هي الطابع الأغلب في عدد من المعارض والفعاليات الفنية، حيث تجتمع عملية التوثيق بأبعاد معرفية وجمالية مختلفة.

"بيروت 1840 - 1918: صُوَر وخرائط" عنوان المعرض الذي افتُتح في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم بـ"متحف نابو" في منطقة الهري شمالي لبنان، وتستمرّ فعالياته حتى 23 من أيار/ مايو 2023؛ في محاولة من المنظّمين لتسليط الضوء على حقبة من تاريخ البلاد تمتدّ لفترة ثمانية وسبعين عاماً، ابتداءً من الصوَر الأُولى التي التُقطت لها عام 1840، وصولاً إلى نهاية الحُكم العثماني.

تحمِل الصور المعروضة توقيعات رحّالة ومستشرقين مُختلفين مرّوا على المدينة، خاصّة أن النصف الثاني من القرن التاسع عشر شهد حركة استشراقية كبيرة، ولطالما كانت بيروت عاملَ جذب واستقطاب لهؤلاء المستشرقين بحُكم إطلالتها البحرية على المتوسّط، هذا البحر الذي يشغل بدوره مساحة كبيرة من الأعمال.

الصورة

وبالحديث عن معالم المدينة البحرية، لا بدّ من الإشارة إلى المرفأ، حيثُ توفِّر مجموعة من الصور نظرة على تاريخه، وكيف تبدّلت معالمه مع الوقت حتى صار علامة مركزية ومؤسِّسة لمدَنية وحداثة بيروت، التي لم تعد مع مطلع القرن العشرين مجرّد قرية كبيرة مُحاطة بقرىً صغيرة، وإن كانت بعض تلك المعالم قد مُسحت اليوم بفعل الانفجار العمراني وعشوائيته.

يشتملُ المعرض على جانب مأساويّ أيضاً، حيثُ يوثّق للكثير من المحطّات الفاصلة في تاريخ البلاد، سواء الاجتماعية أو السياسية، وبالأخص فترة الحرب العالمية الأُولى (1914 - 1918) وما شهده لبنان من حصار بحري تزامن مع موجات من الجراد الذي ضرب المحاصيل، الأمر الذي تسبّب بحصول المجاعة عام 1915، والتي تظهر تفاصيلها بالتقاطات المستشرقين المعروضة.
 
يُشار إلى أن افتتاح المعرض يتزامن مع إطلاق كتاب بالإنكليزية يحمل عنوان Beirut 1840-1918: A Visual and Descriptive Portrait (أو "بيروت 1840 ـ 1918: بورتريه بصَريّ ووصفيّ") للباحِثَين بدر الحاج وسمير مبارك.

آداب وفنون

التحديثات الحية

عبد الرحيم أبو حسين: مغامرة التأريخ التي واجهت السرديات الأسطورية