بانوراما

12 يونيو 2024
أطفال فلسطينيون نازحون يدرسون في خيمة بدير البلح، 9 حزيران/ يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النص يعبر عن معاناة فلسطين وشعبها تحت وطأة الاحتلال والظلم، مستخدمًا صورًا شعرية قوية لوصف الدمار والخراب الذي لحق بالأرض والإنسان.
- يُظهر الشاعر تضامنه مع القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى الطبيعة المدمرة للحرب وتأثيرها على الأبرياء، وخاصة الأطفال، مستخدمًا الطبيعة كرمز للدمار والأمل المفقود.
- الشاعر والملحن العراقي المولود في البصرة والمقيم في الدنمارك، يعكس في أعماله الشعرية والموسيقية، مثل "حكاية لطائر النورس" و"تقاسيم على الوتر السادس"، التزامه العميق بالقضايا الإنسانية والعربية.

بَلَغَ الحُزنُ الزُّبى.

أيّتُها العذراءْ...
في أيِّ مَلكُوتٍ أنتِ الآن..؟
فالنَّخلَةُ التي هَززتِها ما عادتْ تجني رُطَباً.
قد أحرَقَها الدُّخلاءُ بنارِ الحقدِ
وفلسطينُ مُعلّقةٌ فوقَ صَليبِ الذّبحِ
ومَقصَلةِ التهجيرِ والتقتيل.
والأشجارُ تَنِزُّ دَماً.
ويا...
أيّتُها الأرضُ الجانحةُ في بحرِ الصّمتِ 
وغاطِسةٌ في قيعانِ القَهْرِ.
ويا بشَراً يستنطقُ صُمَّ الأحجارِ
ويَعرِفُ أسرارَ الأفْقِ وأمواج الغَمْرِ.
يا طيراً أنهكَهُ العَصْفُ فهاجرَ محزوناً يتلفّتُ،
والريحُ المجنونةُ تهزِمُ،
ترغو،
تحرِقُ أعشاشَ الأطيار،
وتقلعُ أشجارَ الزّيتُونِ.
وعصافيرُ الجنّةِ لا تعرفُ في هذا النّوءِ ملاذاً يَحميها،
فتظلُّ تطيرُ بأجنحةٍ أثقلَها الرُّعبُ
ونديفُ البارودِ الممزوجِ بزيتِ القَطران.
فتلوذُ قليلاً تحت جدارٍ مكسُورِ القَلبْ
يتّكئ على أكداسِ حُطامٍ لبيُوتٍ،
كانت حقلَ فراشٍ وخلايا يسكُنُها النحلُ.
والعصفُ يُلاحقُها
فيا رُسلَ التقوى المُلجَّمةَ الأفواه بطين الكبريت،
وأسلاكِ الزيغِ عن الحقِّ.
ويا زُمرَ الأتباعِ خُنُوعاً تحتَ أراجيفِ السُّلطانْ.
يا عُشبَ الحَلفاءِ اليابسَ تحتَ سنابكِ خيلِ الخُيلاءِ،
وأقدامِ الغازين.
مَن منكُم يملكُ قلباً يَصْدَعُ بالحقِّ
ولا يخشى إزميلَ الطُغيان؟
من يُعلي ميزانَ العدلِ بكفّيهِ قويماً؟
ويُشيرُ إلى وجهِ اللهِ المُشرقِ بالعدلِ وبالإنصاف
أتغُضّونَ الأبصارْ؟
وجحافلُ أربابِ الحقدِ تمارسُ بالقتلِ هوايتها.
تهدِمُ مُدُناً وبُيوتاً،
ومن يسكُنُ فيها.
تحرقُ بالإصرارِ العَمْدِ رياضَ الأطفالِ
ومأوىً لملائكةِ الرّحْمَة
يا ويلَ الدُّنيا،
ويا ويلَ الأهلِ وتاريخ الأمجاد.
أقعتْ فرسانُ الميدانِ على الظّهرِ
وألقتْ كُلَّ سُيُوفِ رُجولتها واستمرأت الذُّلّ.
صمتٌ... خذلانٌ... تبكيتٌ...
عُسْرٌ في التفكيرِ ويُسْرٌ في التبريرْ
ودمٌ يسودُّ نجيعاً في الأعراقِ وفي الطُرُقات.
وعُيونٌ يتوالدُ فيها اليُتمُ.
وأكُفٌّ تطرُقُ من غيظٍ أبوابَ الرّحمةِ والعدلِ.
وجُمُوعٌ هادرةٌ غضبى
ترفعُ أعلاماً
وتخطُّ فوقَ مساراتِ الدّربِ زنابقَ ضوءٍ ونجوم.
تهزجُ بلغاتٍ ذاتِ حُروفٍ مُختلفةِ النّبرةِ والصّوت
... فلسطين حُرّة...
... فلسطين حُرّة...
فلتتوقّفْ كلّ رُجومِ الشيطانِ،
وحقد المُغتصِبِ الأعمى.
والأرضُ تدورُ على قرنِ وحيدِ القرنْ.
والأفلاكُ تتابعُ دورتها،
ودماءٌ تتفرّعُ أنهاراً تجري في غزّة
والضّفّةِ ودروب ِجباليا والقُدسِ
والأرضُ تدورُ ببطءٍ لاهيةً.
وكأنَّ على أخشابِ مسارِحِها عرضٌ للأزياءِ وحفلُ زفافٍ.
أيُّها الكونْ…
ويا مالكَ مَلكُوتِ السّبعِ سماواتٍ
مجزرةٌ للأطفال بعُمْرِ الوَرْدِ،
 تدورُ وتسحقُ...
تفرمُ أجسادَ الرُّضَّعِ والجرحى
وثكالى الحرب.
وصُروحاً شَتّى يُذكرُ فيها اسْمُ الله.
والأرضُ تدورْ...
والناسُ كأحجارٍ مُسمَّرةٍ على لوحةِ شطرنجٍ
لا تُبصرُ خارطةَ مجرى الدّمْ
أو تسمعُ رجعَ الأصواتِ المخنوقةِ تحتَ الأنقاضْ
يا نورَ الملكُوتِ الأعلى
هَبْ أطفالَ فلسطينَ وأهلَها الرَّحمةَ.
واحمِها من مُغتصِبِ الأرض
والحارقِ بالنيرانِ الحَرث وأعقاب النَسْل.



بطاقة

شاعرٌ وكاتبُ نصوص غنائية وموسيقيّ وملحّنٌ عراقي وُلد في البصرة عام 1937، ومقيمٌ في الدنمارك. صدر له في الشعر: "حكايةٌ لطائر النورس" (1974)، و"تقاسيم على الوتر السادس" (2010). لحّن العديد من الأغاني الفردية والأعمال المسرحية الغنائية والأوبريتات منذ الستينيات؛ أبرزها أوبريت "المطرقة" للفرقة الموسيقية البَصرية التي شارك فيها قرابة 75 فنّاناً. كما لحّن قصائد لكثير من الشعراء؛ من بينها: "دجلة الخير" للجواهري، و"غريب على الخليج"، و"أنشودة المطر" للسيّاب، إضافة إلى شعراء آخرين لحّن لهم نصوصاً باللغة المحكيّة. كما تعاون مع العديد من المطربين؛ من بينهم الفنّان العراقي الراحل فؤاد سالم الذي غنّى قصيدتَي السيّاب المذكورتين.

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون