"المركز العربي" في باريس: ما لم تفكّر به العلوم الاجتماعية

02 ديسمبر 2022
جزء من لوحة لـ بول كلي
+ الخط -

لم يعد خفِيّاً على أحد، اليوم، ذلك الترابُط بين صعود العلوم الاجتماعية وتبلوُرها في القرن التاسع عشر بأوروبا، وبين "الإمكانيات" التي كان يُتيحها الاستعمار الغربي للعديد من الباحثين، بدءاً من حرّية التنقّل وتسهيل الوصول إلى "ميدان" البحث، بل وتوفير "مواضيع بحثية" متمثّلة بشعوب وقبائل وحتى أفراد، ووصولاً إلى تمويل العديد من المشاريع البحثية من قِبَل دوائر السلطة وتفريعاتها العِلمية.

ورغم اندثار أغلب المستعمرات مع بدايات القرن الماضي، واتّخاذ العلوم الاجتماعية مسافات مختلفة من السُّلطة، إلّا أنها ساهمت أحياناً، من حيث لا تدري، في إدامة وتكريس رؤى كولونيالية عديدة، كما سَبق أن كشف عن ذلك مفكّرون مثل إدوارد سعيد وطلال أسد في سبعينيات القرن الماضي.

بدءاً من الثانية من بعد ظهيرة الخميس المُقبل، الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، ينظّم فرع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في باريس طاولةً مستديرة تحت عنوان "المنسيّ الكولونيالي في العلوم الاجتماعية"، تُناقِش وتعرض العدد الأخير من مجلّة Tumultes الفرنسية (تشرين الأول/ أكتوبر 2022)، الذي يحمل أيضاً هذا العنوان.

ويسعى اللقاء، كما العدد الأخير من المجلّة، إلى تقديم قِراءة نقدية في ادّعاء العلوم الاجتماعية بأنها غير مُسيَّسة، باعتبارها ثَمرة للعقلانية والمنهج العِلمي. لكنّها، في الواقع، كانت في كثير من الأحيان تُقدِّم تفسيرات، بل تبريرات "عِلمية" للهيمنة، جاعلةً من "الفكر الغربي" مصدراً وحيداً لـ"الحقيقة" حول المجتمعات والثقافات الأُخرى، بحسب نصّ "المركز العربي" التقديمي للندوة.

وتسبّبت هذه الهيمنة بما يسمّيه نصّ "المركز" بـ"الحيف الإبيستيمولوجي"، حيث يُصادَر كلّ مخيال مختلِف وغير غربي، ويُنظَر إلى المعارف الموضوعة خارج منطق الإبيستيمة الغربية باعتبارها معارف دونية أو، في أحسن الأحوال، تابِعة للمركز الغربي.

يشارك في الندوة العديد من الباحثين الذين كتبوا الأوراق المنشورة في المجلّة، مثل إليزابيث تومبسون التي تفتتح الطاولة المستديرة بمداخلة حول البناء الاستعماري للقول بالتناقض بين الإسلام والديمقراطية. تليها أربع مداخلات تتركّز بشكل أساسيّ حول الجزائر، إنْ كان من خلال عودة إلى أبحاث عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو في البلد (مداخلة الباحث عيسى قادري)، أو عبر اقتراح نقدٍ لنقد الحراك الجزائري (سليم شنة).

المساهمون