في الحادي عشر من الشهر الجاري، أطلق "المتحف الفلسطيني" في مدينة بيرزيت شمال غربي القدس المحتلّة تظاهرة فنّية مخصّصة لغزّة، تضمّنت ثلاث مساحات؛ هي معرض "هذا ليس معرضاً" الذي يضمّ أكثر من 285 عملاً فنيّاً لقرابة مئة فنّان من غزّة، ومعرض "المفقودون" الذي يضمّ أعمالاً للفنان الغزّي تيسير بركات تدور حول الفقدان بمفهومه الواسع، إضافةً إلى عرض إثنوغرافي لأثواب وحُليّ تراثية تروي قصص نساء من غزّة بين الإبداع والتهجير والتكافل بعنوان "نساء من غزّة".
في متابعةٍ لهذه التظاهرة، يُقيم المتحف مجموعةً من الفعاليات التي تُضيء على الأعمال الفنّية المعروضة فيها؛ ومن ذلك ورشةٌ نظّمها مساء أمس الجمعة بعنوان "بيت من فلسطين"، وتناول فيها الفنّان رأفت أسعد أعمالاً من معرض "هذا ليس معرضاً"، في محاولة لترجمة الصور البصرية التي أنتجها أصحابُها إلى معانٍ حياتية، وتحويلها إلى ممارسة فنّية تعتمد على الإنشاء والتركيب لإعادة بناء معنى "البيت".
قرأت الورشة كيف يمكن للبيت أن ينقلب من مكان إلى أمنية وصورة أرشيفية تتدفّق في المخيّلة، منطلقة من كون البيت في فلسطين، وعلى عكس كلّ العالم، "يُشكّل مكاناً للأمل والحلم والنضال من أجل العودة، إنّه بيت الذكريات، وبيت العمر، والبيت الذي خسرناه في لحظات، وهو الرمز الحاضر في الشعر، ولوحات الفنّانين، وحنين المُبعدين".
وتحت عنوان "بين الألوان والركام"، أُقيمت عند العاشرة من صباح اليوم السبت، جولةٌ رافق فيها كلٌّ من رينا الخطيب ومرح خليفة وأحمد أبوزيّاد زوّار المتحف بين المساحات الفنّية الثلاث المخصَّصة للاستجابة لحرب الإبادة التي تعيشها غزّة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وينظّم المتحف، عند الثالثة من بعد ظُهر غدٍ الأحد، لقاءً مع الأكاديمية والفنّانة التشكيلية الفلسطينية فيرا تماري بعنوان "غزّة في اللوحة الفنّية"، تُقدّم فيه قراءة في الأعمال الفنّية المعروضة ضمن المساحة؛ حيث تُضيء على مسار خلال قراءة في الحركة الفنّية الحديثة في غزّة، والتأثيرات التي طاولت أعمال الفنّانين، والإنجازات التي حقّقوها على الرغم الحصار والحروب والدمار، وما تعكسه أعمالهم من أنماط وتقنيات فنّية استخدموها في معالجة موضوعاتهم، أملاً في التغلّب على صعاب الحياة اليومية، والاستمرار في التجديد والإبداع.
وبالتعاون مع "كلّية الفنون والموسيقى والتصميم" في "جامعة بيرزيت"، يستضيف "المتحف الفلسطيني"، عند الحادية عشرة من صباح السبت، الثاني من آذار/ مارس المُقبل، الفنّان تيسير بركات في حوار حول معرضه "المفقودون" الذي ينفتح، مثلما نقرأ في البيان الخاصّ به، على "احتمالات عديدة لعالم لا نعرف على وجه التحديد إن كان عالم الفاقدين أم المفقودين، وربّما أنّهما سيّان، ففي زمن الإبادة كلُّنا مفقودون".
وضمن التظاهرة أيضاً، يُقام عند الواحدة والنصف من بعد ظُهر السبت، التاسع من الشهر المُقبل، لقاءٌ مع الكاتب والشاعر محمود أبو هشهش، يُقدّم فيه قراءةً في أعمال "هذا ليس معرضاً"؛ حيث يُسلّط الضوء على أبرز ملامح وسمات مشهد الفنون البصرية في غزّة، متوقّفاً عند أعمال بعينها، أو فنّانين بعينهم، في محاولة للتعمّق أكثر فيما يختزنه المشهد من جماليات وانشغالات وحساسيات، وما يقف وراء حيويته من فواعل وتأثيرات.
وتتواصل الفعاليات بورشة يُقدّمها الفنّان محمّد السمهوري، عند الثانية من بعد ظُهر الأحد، الخامس والعشرين من الشهر المُقبل، تحت عنوان "خيال مؤجَّل"، ويتناول فيها الشكل الذي تحضر به غزّة في مخيّلة من لا يعيش فيها، أو "غزّة كما صوّرها الفنّان الغزّي، وكما نراها نحن من بعيد".