الفُلْك

01 نوفمبر 2020
ماريو أنخل كينتيرو/ كولومبيا
+ الخط -

طوابقُها الثلاثة أقفاص خشبية
تضجّ بالصياح والفحيح والخوار 
والهدير البابلي.
بالأسافل يَضطربُ سَنمُ المياه الكبيرة
بالأعالي تُحكِمُ السماءُ شِباكَها المائية المَتينة 
على الجَمَل العظيمِ الذي لا تُرى 
قَوائمُه المُجدِّفة.
نبيُّ الله بقسماتِه المُجهَدة، يَلتمِس مِن مَخلوقاته 
أن تَكُفَّ عن الرغاء والهدير
وأبناؤه احتضنوا زوجاتهم غير مُصَدِّقين
الماءُ أصبحَ علامةً غريبة.
الماءُ جُنَّ واختلطتْ أغوارُه 
بِقِطَعٍ كبيرة مِن السَّحاب الأسود،
الماءُ جُنَّ واختلَّتْ أسماؤُه
هو الجَبلُ الذي يَطوي في بطنِه الجبال
هو الحُوتُ الهائلُ الذي يَبتلِعُ
البَشَر والحَجَر والأفيال والزَّرافات.
الماءُ المَحْوُ والمِمحاةُ اللانهائية،
لا وَجْه يَضحَكُ في غَمرِه
لا يَد تَصيدُ السمك وتُغنّي لِلْحَبيبة
لا ورَقةَ تطفو مُضيئة بخُضْرَتِها مَركَب الحبيب
لا قَدَم تُجدِّفُ في الليل الأزرق
لا شمس لا قمَر ولا ساعة رَمْل،
كأنَّ كَلمة العَدَم جَرَسٌ كبيرٌ يَرنُّ بالقاع.
الزَّوجاتُ هلِعاتٌ
يَحضُنَّ ما تبقى مِن يابسة في قلوبهن
الأزواجُ يتأمَّلُون الزَّواحف المُخيفة
التي تَزْحَفُ إلى تلك الأرض الصَّغيرة،
المُشمِسة في ناياتهم.
نبيُّ الله يَنهرُ الدِّيك الغاوي
الذي يَتحرَّش بالدجاجات السَّبع
غافلاً عن الفَجرِ. 
نبيُّ الله 
يفتَحُ طاقةً لِلغُراب
ناسياً ميثاقَه مع الليل...
الغُرابُ الأسودُ كأجنِحة الغَيم
لا يَعرفُ غيرَ الوداعات
وإهالةِ التُّراب 
على الوَجه واليَد والفَم الضَّاحك.
يا نبي الله، يا نبي الله
هذا شَهرُكَ السَّابع،
لَمْ يَبق غيرُ أن يَنْهضَ الشاعرُ مِن دُكنةِ الطوفان
مُتسلِّلاً مِن جبال أراراط،
لِيَشهدَ على ميثاق الربِّ
المُتلألِئ قوْسا في السَّحاب.
اليمامةُ عادتْ
لكِنَّ الغُراب لَنْ يَعود.


* شاعر وناقد مغربي من مواليد الدار البيضاء عام 1965

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون