الفول أم الصرصار؟

11 يوليو 2022
لبيبة زغبي/ لبنان
+ الخط -

ها هو صوت الطَّرقات على سطح شقّتي يعلو مرّة ثانية، يضرب النومَ وهو يحاول التسلُّل إليَّ وهو يرتدي لباس العتمة القاتم. ربّما هذا شقيقي يهرس الفولَ في الإناء. يسكن شقيقي في الطابق العلوي. أعتقد أنني رأيته ظهراً يحمل كيساً من الفول الناشف. وأيضاً بعض الجرجير والبقدونس قطفهما من حديقتنا.

يا إلهي، كم يؤلمني إصبعي! كنت قد جرحته وأنا أحاول عصراً رفع بعض الرمل الذي جرفه المطر نحو مدخل بيتنا. لقد تطوّعت بذلك وتأخّرت عن موعدي مع صديق جديد. قلت لأبي وقتها، "انظر، سأرفع هذا الرمل كلّه في خمس دقائق". من أوّل ضربة بالجارف جرحتُ يدي عندما احتكّت بالحائط المجاور.

يستمرُّ الضرب في الأعلى.

هل أتّصل به وأطلب منه التوقّف؟ ربّما سيقلق ويظنّ أنني لستُ على ما يرام. فمن يتصل الساعة الثالثة فجراً؟ 

يزدادُ الألم في إصبعي ويساعدُ الضرباتِ العلوية في طرد النوم. أنظرُ إلى النوم يجلس على حافة الشبّاك الخارجية، أراه يتثاءبُ ويتذمّر، أشعر بالحرج حيث لا أستطيع إدخاله إلى غرفتي.

الساعة السادسة الآن، ينزل شقيقي على الدرج، أُسرع لأفتح الباب وأسأله:

- "ماذا كان ذلك الطرق عندك؟"
- "أي طرق تعني؟"
- "الطرق حوالي الساعة الثالثة.. هل كنت تتناول العشاء متأخّراً أم تعدُّ الفطور مبكراً؟"
- "آه.. كان ذلك ضرب زوجتي لصرصار وقع عليها وهي نائمة. وجدته مادّاً قدميه على يدِها المُحنّاة حديثاً. زفافُ أخيها اليوم، ألم تصل بطاقة الدعوة؟"

سيخبرني شقيقي أنّ زوجته تعتقد أنّ الصرصار إذا وقع على يدٍ مُحنّاة، فإنّ عليها أن تضربَ الصرصار بحجر أو نعلٍ لمدّة لا تقلّ عن ساعة وتسعَ عشرة دقيقة، وهي المدّة التي تستغرق القارئ العادي لقراءة رواية كافكا "المسخ/ التحوّل" والتي يستيقظ فيها شخص ليجد نفسه قد تحوّل إلى صرصار.

- "ولكنّ زوجتك ظلّت تضرب لمدّة تزيد عن الساعة والنصف!"
- "صحيح، لأن زوجتي قارئة بطيئة"
- "حسنا! أخبرها أن تتدرّب أكثر على القراءة لتصبح قارئة سريعة".


* شاعر وكاتب من فلسطين

المساهمون