"الراب كوسيلة علاج".. وثائقي عن الهجرة والموسيقى
تعدُّ موسيقى الراب عنصراً أساسياً في ثفافة "الهيب هوب"، وقد انتشر هذا النوع من الأغاني الذي يقوم على أساس ترديد الأغنية بقافية معينة في الولايات المتحدة الأميركية مع بداية السبعينيات، على أيدي الأميركيين الأفارقة، كتعبيرٍ عن استيائهم وغضبهم على صعوبات الحياة.
تطوّر هذا النوع من الغناء وصار شائعاً في العالم كلّه مع بداية التسعينيات، وقد وجد العديد من الفنانين والمخرجين في هذا النوع من الأغاني وسيلة لإيصال رسائل اجتماعية وثقافية من شأنها نقد السياسات أو الظروف التي أوصلت إليها. كذلك وجد بعضهم الآخر في "الراب" وسيلة علاج أمام ندبات الحياة ومصاعبها، وما تجبرنا الظروف عليه أحياناً.
واحدٌ من هؤلاء الفنانين الذين عُرفوا بربطه موسيقى "الراب" بقضايا اجتماعية مثل موضوع الهجرة هو مغني الراب الإسباني أنطونيو مورينو كوتياس (1977)، حيث تناول في أغانيه قضايا الاندماج الثقافي، والصعوبات التي يواجهها المهاجرون المغاربة والأفارقة للاندماج في المجتمع الإسباني، وكذلك فعل في أفلامه الوثائقية التي صوّر فيها الصعوبات التي يواجهونها عند وصولهم، والتي عادة ما ترتبط بحاجات الحياة الأساسية والتي يجب أن تؤمّنها الدولة الإسبانية لهم، أي: العمل والسكن واللغة وغيرها من الأمور.
"الراب كوسيلة علاج"، هو عنوان الفيلم الوثائقي الأخير الذي أخرجه كوتياس، والذي يُعرض مساء الجمعة المقبل، عند العاشرة مساء، في مركز "بيت السينما"، في مدينة ألميرية الإسبانية، الواقعة على البحر المتوسط.
في حديث لـ "العربي الجديد" حول فكرة الوثائقي، يقول مخرج العمل كوتياس: "أردت من خلال هذا الشريط شرح الأسباب التي دفعت الأجانب، سواء من المغاربة أو الأفارقة، والذين شاركوا معي في ورشة "راب" كنت قد أعددتها معهم، كي يغادروا أوطانهم ويهاجروا إلى إسبانيا، والصعوبات والمآزق التي تعيّن عليهم أن يتجاوزوها كي يصلوا إلى هذه الضفة. وقد ركّزتُ بشكلٍ أساسيٍّ على الجانب النفسي، أو الحواجز النفسيّة التي مرّوا بها عند وصولهم إلى إسبانيا، وهي أصعب من تلك الحواجز التي تضعها السياسة والجغرافية.
وفي سؤال آخر عمّا إذا كانت موسيقى الراب قادرة على تقديم حلول لهذه المعضلات الاجتماعية التي مرّ بها المهاجرون، يقول مغني الراب لـ "العربي الجديد": ظهر الراب كنوع موسيقى جديد داخل ثقافة الهيب هوب كجواب أو بالأحرى كحركة اجتماعية وثقافية هدفها تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية كي ينتبه أصحاب القرار ويصححوا المسار. في إسبانيا سُجن العديد من مغني الراب بسبب نقدهم الملك وعمل الحكومة وغيرها من الأمور، كذلك الأمر في تشيلي، وكذلك الأمر في المغرب العربي. وهذا معناه أن الراب قادرٌ على التأثير، وهذا مهم بحدّ ذاته، أولاً التأثير، وإثارة الوعي العام إزاء القضايا، ومن ثم الأجوبة".
وفي سؤال عن العلاج الذي يمكن أن يقدّمه الراب، يقول المغني الإسباني "العلاج الذي أقصده هو تلبية احتياجات أو نقاط ضعف معينة لدى هؤلاء الأشخاص المهاجرين، وفي هذه الحالة وجد هؤلاء المهاجرون في الراب وسيلة للتعبير عن المشاعر التي يحملونها في الداخل. وقد يكون العلاج مجرد الاستماع إليهم فحسب، عندما يغنون ويقولون ما هي مشاكلهم، كي يشعروا بأن لهم صوتاً مسموعاً، والموسيقى هنا هي وسيلة إيصال هذا الصوت".
يُذكر أن أنطونيو مورينو كوتياس هو مؤلّف أغانٍ، ملحّن ومغني راب، أخرجَ العديد من الأفلام الوثائقية التي تتناول قضايا الهجرة، من أهمها: "اكتب أفضل نسخة عنك" (2022). شاركت أفلامه في مهرجاني روما وبرلين للأفلام الوثائقية.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
