إيفلين عشم الله.. استعادة رحلة طويلة مع الفنّ الفطري

17 سبتمبر 2024
ذاكرة مُنشدَّة إلى كلّ ما هو بسيط (من المعرض)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **معرض "حصاد سنين العُمر" للفنانة المصرية إيفلين عشم الله في "غاليري آزاد" بالقاهرة، يستعرض رحلتها الفنية منذ السبعينيات، ويستمر حتى 27 الشهر الجاري.**
- **تتميز أعمال عشم الله بالمزج السحري بين الألوان الداكنة والأجساد الأسطورية، مع استحضار حروف اللغة العربية بشكل فطري.**
- **المرأة تحتل مركزية في لوحاتها، سواء في المشاهد الشعبية أو الأسطورية، مما يعكس تنوع الأجيال والأرواح في الطبيعة.**

بأُنشودة مصرية شعبيّة مليئة بالفرح غنّتها بنفسها، هكذا ارتأت التشكيلية المصرية إيفلين عشم الله أن تُعلِن عبر تسجيل  مرئيّ، معرضها الاستعادي "حصاد سنين العُمر"، الذي افتُتح في "غاليري آزاد" بالقاهرة، أول من أمس الأحد، ويتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري.

في هذا الحصاد تستعيدُ عشم الله (1948)، التي لم تنقطع يوماً عن الغِناء لكن بالألوان، الثيمات الفَرِحة والأسطورية من تراث بلدها ومن أحيائه الشعبية ومن سُمرة نسائه وأرضه، ولوحات قدّمتها عبر رحلتها الممتدّة منذ أواسط السبعينيات، مُؤكِّدةً عودتها بعد أن عانت منذ أواخر العام الماضي وعكةً صحّية طالت قليلاً، لكنّها لم تحجبها عن التواصل مع المشهد الفنّي في مصر.

تبثّ المرأةُ في لوحتها المعنى والحياة بعناصر الوجود من حولنا

المَزْج السِّحري هو أكثر ما يلفت في اشتغالات ابنة مدينة دسوق، في محافظة كفر الشيخ، وهذا مُنسحِبٌ على الألوان والتمثيلات في آنٍ، فحيثُ نُلاحظ أنّ المروحة اللونية تتجاور فيها بكثرة الدواكن مثل البُنّي والأسود والأخضر والكُحليّ، فإنّ الأجساد أيضاً مَبنيّة على المزج، نحن أمام نساء جِنّيات، وسَحَالٍ طيور، وضخامة خفيفة تعلو عن الأرض ليَدٍ مبتورة أو كائن لا اسم له، وشمسٍ تنهمر من عينيها الدّموع.

معرض عشم الله - القسم الثقافي
مزج سحري للكائنات والأجساد (من المعرض)

السحريّة التي تنطلق منها عشم الله لا تقف عند الكائنات فحسب، بل تستحضر حروف اللغة العربية أيضاً، ليست هي تلك الحروفية التشكيلية المُعقّدة، بل هي العبارات الفطرية التي تُوازي رؤية صاحبتها، نَخَالُ أنّ الحُروف عبارة عن أجساد مُتضخِّمة هي الأُخرى، وكأنّها ما زالت في مرحلة سابقة على تلك الرشاقة التصويرية التي يُمثّلها الحروفيّون، إنها أشبه بالتماثيل الطِّينيّة غير المُتّسقة بعد، أمّا من حيث المضمون فإنها عبارات لا تبتعد عن المُباشر من كلام الوَجد الصوفي، وتأمّلٌ في كيفية جدارة الإنسان بإنسانيّته واستحقاقه لها على هذه الأرض.

وبعد المزج السحري للكائنات والأجساد، وحضور الحروف بهيئتها الفِطرية الأُولى، يأتي دور المرأة فيكتمل أمامنا الضِّلع الثالث الذي يُحدّد عوالم إيفلين عشم الله. وهُنا يُمكن الحديث عن مستويين، ففي بعض اللوحات التي تستلهم المشاهد الشعبية تكون فيها المرأة، على الأغلب، هي مركز اللوحة ومنها ننتقل إلى باقي العناصر، كما أنّ المرأة هنا منتمية إلى عدّة أجيال، فنرى الطفلات والشابّات والأُمّهات والكبيرات في السنّ. أمّا في اللوحات التي يكون فيها البُعد الأسطوري أوضح، فالنساء في هذه الحالة أرواحٌ مُنبثَّة في الشمس والأنهار والأشجار وكلّ ما يبثّ المعنى والحياة من حولنا.

عشم الله 2 - القسم الثقافي
(جانب من المعرض)

في لقاءٍ سابق للتشكيلية المصرية مع "العربي الجديد" نراها تتمنّى فيه أن تعود لتلتقيَ "أُمّ منصور"، الجارةَ القديمةَ التي كانت تُناديها بـ"جدّتي" إبّان طفولتها. هذه هي إذاً مرجعيّات الفنّانة، فحتى بعد "حصادٍ" قدّمت خلاله أكثر من عشرين معرضاً منفرداً، وضعفَ ذلك العدد من المعارض الجماعية داخل مصر وخارجها، ما زالت ذاكرتُها مُنشدّة إلى الحارة الأُولى.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون