تتمحور أعمال إيدي كاموانغا إيلونغا حول عملية التحديث في بلاده؛ جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تفرض بشكل متزايد نمطاً استهلاكياً غربياً على الأفراد الذين يعمل غالبيتهم في قطاع التعدين الذي يشهد نموّاً هائلاً في العقدين الأخيرين.
يضيء الفنان الكونغولي الطقوس وأنماط الحياة التقليدية التي بدأت بالتراجع في تجمّعات سكنية جديدة بعيدة عن مجتمعاتها الأصلية وجذورها الثقافية، من خلال إبراز تأثير الصناعة والتكنولوجيا على شعب "مانغيبتو" الذي يعيش شرق البلاد، حيث لا يزال جزء كبير يتمسّك بتراثه الذي شهد تطوّراً كبيراً في الموسيقى خلال القرن الثامن عشر، عكسه ابتكارهم لآلات وترية خاصة بهم، إضافة إلى تميّز مشغولاتهم اليدوية المصنّعة من الحديد والنحاس.
يتناول إيلونغا في معرضه الجديد "شبح الحضور" ــ الذي يُفتتح الأربعاء، الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، في "غاليري أكتوبر" بلندن، ويتواصل حتى السابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر ــ تأثير البعثات الكاثوليكية في البلاد منذ نهاية القرن التاسع عشر، بوصفها أحد أذرع الاستعمار الأوروبي في القارة السمراء.
تعكس بعض اللوحات البدايات الأولى للحملات التبشيرية عام 1893، حيث أنشأت الكنيسة اليسوعية مزارع صغيرة في الكونغو بهدف توفير المأوى للأطفال والأيتام، لكنها في الواقع درّبتهم على الانضباط العسكري من أجل الانخراط في الجيش البلجيكي، وكذلك على الحِرَف اليدوية والزراعة، للعمل في منشآته، حيث اشتغل هؤلاء الأطفال كعمالة مجّانية كان لها دورها في إدامة الاستعمار، وخلق جيل من الكونغوليين منعزل تماماً عن بيئته عائلاته، ويدين بالولاء المطلق إلى بلجيكا.
يربط إيلونغا بين الماضي والحاضر، فتلك المزارع الصغيرة كانت هدفاً لحركات المقاومة التي استلهمت رموزاً ميثولوجية من حضارة مملكة الكونغو القديمة لمواجهة المستعِر، وتتواصل هذه المواجهة للمشروع النيوليبرالية التي تقوده حالياً نخبة حاكمة متحالفة مع الغرب، حيث يستبدل الفنان الجلد العاري للكونغوليين بدوائر إلكترونية معقّدة في إشارة إلى مكوّنات الأجهزة الحديثة في الحياة المعاصرة التي باتت تهيمن على الإنسان وحركته وتسيطر على جسده وعقله، مستخدماً مادة الكولتان التي تستخرج بكمّيات كبيرة في الكونغو، وتتعاون الشركات الغربية مع الأنظمة الاستبدادية الفاسدة بأفريقيا لضمان الحصول عليها من أجل استخدامها الصناعات التكنولوجية المتقدّمة مثل صناعة الهواتف الخلوية، والأقراص الضوئية.
المعرض الذي ينظّم ضمن تظاهرة "1-54" للفن الأفريقي المعاصر، يشكّل امتداداً لمعارض سابقة لإيلونغا الذي يناقش التحوّلات الحادة في الهوية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية منذ فترة الاستعمار البلجيكي وحتى اليوم، حيث كانت تحظى المرأة في ثقافة شعب "مانغبيتو" بمكانة خاصة تؤهّلها لقيادة القبيلة، قبل أن تبدأ العديد من الموروثات بالتغيُّر دون أن يعود ذلك بالفائدة على المانغبيتويين.