في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين المذكرات والرواية والسيرة الذاتية والتحليل النفسي والدراسات التاريخية والفلسفية والفكرية.
■ ■ ■
"اسقِ شجرة الصفصاف: ذكريات الصِّبا في بيت لحم" عنوانُ الكتاب الصادر مؤخّراً بالإنكليزية عن "منشورات غورجياس" لجورج أنطون كيراز. يحاول الكاتب من خلال مذكّراته تتبّع جذور عائلته السريانية ونشأته في بيت لحم ومن ثمّ انتقاله للعيش في أميركا، كما يعرض لهجرة أسلافه نتيجة "مذابح سيفو" (1915)، ويقدّم في سياق موازٍ مشاهدَ عن الوجود السرياني في فلسطين خلال عقدَي السبعينيات والثمانينيات. يُعرف كيراز بدراساته حول اللغة السريانية وتراثها وتشكّل هذه المذكّرات تجارب من طفولته التي سترسم لاحقاً حياته الأكاديمية.
صدر حديثاً للكاتب التونسي سمير ساسي كتاب "الدعاء والسياسة: تحرير الفضاء العام في الإسلام" عن "ميسلون للثقافة والترجمة والنشر". يبحث العمل مفهوم الفضاء العام وآليات اشتغاله ومعوِّقات تحريره وتطويره، متسائلاً: هل يوجد فضاءٌ عامّ في الإسلام؟ يتّخذ المؤلّف من علاقة الدعاء بالسياسة مدخلاً لقراءة علاقة الدين بالسياسة، وموقع الدين في الحياة العامّة، وعلاقة الخاص بالعام، وقضايا الولاء والبراء، والانتماء إلى الجماعة المسلمة، وقضية التكفير، ثم خطاب الحركة الإسلامية المعاصرة ومدى قدرتها على تجاوز الفقه السائد.
"باب المراد: دراسةٌ في تاريخ مدينة الكاظمية" عنوان كتاب للباحث محمد صالح، صدر حديثاً عن "مؤسّسة ثائر العصامي للطباعة والنشر". تتناول الدراسة المدينة الواقعة شمال بغداد، والتي تأسّست قبل نحو 1250 عاماً وكانت تُسمّى في بدايات الدولة العبّاسية "مقابر قريش". يتألّف العمل من ستّة فصول تتناول: "مقابر قريش" وأبرز من دُفن فيها، وعمارة الكاظمية عبر العصور، ومحلّات المدينة وأطرافها، وخطّ ترامواي بغداد - الكاظمية، ومملكة أوده الإسلامية في الهند وآل نواب، وأبرز الأحداث والشخصيات والمباني التراثية في المدينة.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر حديثاً كتاب "فلسطين في مرآة الثقافة الروسية" للباحث محمد دياب. يضيء العمل صورة فلسطين كما بدت في كتابات الحجَّاج الروس إلى الديار المقدّسة بدءاً من القرن الثاني عشر وحتى بدايات القرن العشرين، وفي انطباعات كبار الأدباء والشعراء الروس، وفي إبداعات رسّامين تركوا لوحات ورسومات عدّة تصوّر الطبيعة الفلسطينية أو تجسّد أحداثاً من تاريخ فلسطين القديم، وفي مقاربات مؤرّخين ومستعربين بارزين في القرنين التاسع عشر والعشرين، وكذلك في كتابات باحثين سياسيّين معاصرين.
تصدر قريباً عن "دار الرافدين" النسخة العربية من رواية "رغبة" للكاتب والناقد الفرنسي فيليب سولرس (1936)، بترجمة الشاعر اللبناني عيسى مخلوف. تستعرض الرواية سيرة الفيلسوف الفرنسي لوي كلُود دو سان مارتان (1743 - 1803) المعروف بِـ"الفيلسوف المجهول" خلال عصر التنوير، كما تخيّلها سولرس، بل تتوزّع على حيوات أُخرى، كأن يلتقي رامبو الذي عاش في القرن التاسع عشر، وينهل عبارات ومقاطع من نتاجه، وهكذا تتداخل الكلمات والأسماء في الكتاب داخل لعبة مرايا لا تنتهي، ويصبح الفيلسوف الواحد متعدِّداً في المكان والزمان.
عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، صدر حديثاً للباحث والأكاديمي اللبناني ناصيف نصار "كتاب عشتار: في اللباس والجسد". ضمن حوار متخيَّل مع إلهة الحبّ والحرب عند البابليّين، يتناول المؤلِّف موضوع اللباس في أبعاد ثلاثة: البُعد الاجتماعي، والفردي، والسوقي السلعيّ، ليُناقش قضية اللباس والعُري انطلاقاً من الإشكاليات الفلسفية الكبرى، وفي مقدّمتها إشكالية التكامل أو الصراع بين فردية الإنسان واجتماعيته، والتي تُبنى عليها إشكالية أُخرى لها علاقة بحرّية الإنسان الفرد وحدود هذه الحرية في بُعدها الاجتماعي.
"كلود مكاي: صناعة البلشفية السوداء" عنوان كتاب صدر حديثاً لأستاذ التاريخ وينستون جيمس عن "منشورات جامعة كولومبيا". يتتبّع المؤلّف سيرة الكاتب والمنظّر الجامايكي (1889 - 1948) الذي كان شخصية محورية في أدب بلدان الكاريبي ونهضة هارلم الموسيقية والتقاليد الراديكالية السوداء، من خلال أفكاره المناهضة للاستعمار، والتي ناقشت أحوال السود في شتات القارتين الأميركيّتين، الذين يمارَس ضدّهم استغلال طبقي وعنصري، وكانت محفّزاً مهمّاً في ظهور بذور الاحتجاج الأولى لدى الأميركيين الأفارقة إبّان الحرب العالمية الأولى.
بترجمة عدوية الهلالي، صدرت، عن دار "المدى"، النسخة العربية من رواية "وعد الفجر" للكاتب الفرنسي من أصول ليتوانية رومان غاري. ظهر العمل بالفرنسية عام 1960، وفيه يروي غاري حكاية تتداخل مع سيرته الشخصية، حيث نتعرّف على شاب اسمه رومان أيضاً، وتأثير أمّه الكبير في حياته، وانتقاله من ليتوانيا إلى فرنسا، وسعيه لتحقيق أحلامه في الكتابة وغيرها من مجالات الحياة. "وعد الفجر" من أبرز أعمال غاري، إلى جانب "الحياة أمامك" و"جذور السماء"، وقد نُقلت إلى السينما مرّتين، كان آخرها عام 2017 بإخراج الفرنسي إريك باربييه.
"نظرات مُعاصرة على الفلسفة الحديثة: قراءات وتلقّيات" عنوانُ كتاب جماعي صدر عن "منشورات جامعة السوربون" في باريس، تحت إشراف الباحثَيْن إريك ماركيه وبول راتو. يشتمل العمل على مقالات بحثية تعود في أغلبها إلى أساتذة في قسم الفلسفة بـ"السوربون"، وفيها مراجعةٌ للطريقة التي تعامل من خلالها العديد من الفلاسفة والمفكّرين الأوروبيين المعاصرين ــ مثل هايدغر ودولوز وهوركهايمر ــ مع فلاسفة الحداثة، مثل ديكارت وهوبز وسبينوزا وهيوم. طريقةٌ تُراوح بين الاتّباع واستكمال المسار الذي بدأوه، وبين الرغبة في تجاوزهم.
اثنان وسبعون كتاباً هو مجموع كتب الرحلة التي جمعها واختصرها الباحث العراقي صلاح السعيد في كتابه "مذكرات الرحّالة والمستشرقين عن بابل والحلّة" الصادر عن "مؤسسة أبجد للنشر". يوثّق الكتاب حركة المستشرقين ورحلاتهم إلى بلاد الرافدين خلال القرون الثلاثة الأخيرة، ويُعرّف بدوافعهم التجارية والتاريخية والعلمية والتبشيرية. كما يتناول الباحث مسألة التنافس بين دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا في إرسال رحّالتها بوصفهم طليعة لاستكشاف الطرق التجارية والهيمنة عليها، في محاولة لربطها أيضاً بالتوسّع الاستعماري لاحقاً.
"الذات المنقسمة: دراسة وجودية بين العقل والجنون" عنوان النسخة العربية لكِتاب الطبيب النفسي الاسكتلندي ر. د. لانغ (1927) الصادرة حديثاً عن "دار آفاق" بالقاهرة، بترجمة عبد المقصود عبد الكريم. العمل عبارة عن عرض لجملة من الأُسُس والمفاهيم النفسانية مثل الشخصية والذُّهان والشعور بانعدام الأمان. وهو أوّل كتب لانغ؛ إذ صدر عام 1960، وقد تمكّن من خلاله من خلخلة الكثير من النظريات الراسخة حول ثنائية العقل والجنون، لدرجة أنّ اشتغالاته قد وُصفت بـ"المضادّة" لابتعاده فيها عن الأُطر التقليدية في التحليل النفسي.
بترجمة عبير عبد الواحد، صدرت حديثاً عن "دار أثر" النسخة العربية من رواية "ذاكرة الرحيل" للروائي التنزاني - البريطاني عبد الرزاق قرنح (1948). يُثير العمل الأصوات والمَشاهد التي يعجّ بها الساحل الشرقي لأفريقيا، عبر سرد قصّة حياة صبي في الخامسة عشرة من عمره ينتمي إلى أسرة فقيرة. كما يشتغل صاحب "نوبل" (2021) على موضوعات الفساد والعنف واليأس وصورها الأكثر وحشية في المجتمع. وتمثّل صيغة هروب البطل من محيطه رمزية عالية عن معضلة التخلّص من الماضي الاستعماري في دول العالم الثالث، والسعي إلى تأسيس هوية جديدة.
عن دار "خطوط وظلال"، تصدر قريباً النسخة العربية من كتاب "الإنسان في بُعده السيكو ـ اجتماعي عند إريك فروم"، للمحلّل النفسي الألماني راينر فونك، بترجمة حميد لشهب. يُعَدّ فونك (1943) من أبرز المتخصّصين في أعمال مواطِنه، المحلّل النفسي والمفكّر الذي عُرف بإعادة صياغته للمقولات الفرويدية في سياق ما بعد الحرب العالمية الثانية. يقدّم المؤلّف صورة عامة عن فكر فروم ونظرته التحليلية، وعن النحو الذي وضع من خلاله الروحانية، والتجربة الحسّية المباشرة، في مركز التحليل النفسي بعد عقود من هيمنة النظرة الوضعية عليه.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
