في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الشعر والمسرح والفن التشكيلي والإنترنت والدراسات التاريخية والفلسفية والنقدية والثقافية.
■ ■ ■
"شراعٌ واقف في عين الهواء" عنوان المجموعة الشعرية الجديدة التي صدرت حديثاً للشاعرة والروائية والمترجمة العراقية المقيمة في الدنمارك، دنى غالي (1963)، عن "دار أطلس". يضمُّ الكتاب خمسة نصوصٍ مطوّلة تحمل العناوين التالية: "من المدينة التي في داخل الحكاية الخرافية"، و"الكلُّ شيء الذي نبحث عنه ولا نعرف ما هو"، و"يخشى أن يهطل وحيداً فيرتبك المعنى"، و"الأشياء المخبوءة في مكانها"، و"بيَدي أرخيتُ الحبل ودفعتُ المركب". صدرت لغالي عدّة أعمال شعرية وروائية، إلى جانب ترجمات من الدنماركية إلى العربية.
يصدر هذه الأيام، عن دار"لاديكوفرت" الفرنسية، كتاب "تاريخ السُّكَّر، تاريخ العالم"، للمؤرخ المختصّ بتاريخ العبودية جيمس والفين. يلاحق الكتاب تاريخ مادة السكّر، ليروي من خلالها تاريخاً للعالم. يلاحق الكتاب انتقال السكّر، مع الثورة الصناعية، من موائد النخبة إلى غذاء أساسي للطبقة العاملة، حيث تسببت لهم بنخر الأسنان وأمراض السمنة والسكري. غير أنها بنت ثروات هائلة للمستثمرين فيها، مؤذنة ببداية الرأسمالية، واستمرت هذه الشركات التي باتت أحياناً تملي على الدول سياساتها، وربما تكون أهمها اليوم "كوكا كولا".
بتوقيع المترجم المصري أحمد حسّان، صدرت عن دار "هُنّ" في القاهرة، الترجمة العربية من كتاب "كيف يمكنُ أن نحيا؟.. مقدّمة لفلسفة جيل دولوز" للباحث الأميركي تود ماي، الذي حاوَل بسطَ رؤية المفكّر الفرنسي دولوز للكون من حولنا، على العكس من الاشتغالات الأخرى المُنجزَة عن دولوز بوصفه واحداً من الفلاسفة الذين يصعب إيجاز أو تقديم أفكارهم بطريقة مباشرة. ويُركّز المؤلّف على أنّ صاحب "ما الفلسفة؟" كان لديه منظورٌ حيويٌّ إلى الكون. كما تتقاطع في الكتاب الرؤى السياسية والثقافية مع طروحات الفلسفة الفرنسية.
عن "دار المأمون للترجمة والنشر"، صدر حديثاً كتاب "المسرح الملحمي الألماني برؤية عراقية" للباحث بهاء علوان. يتناول الكتاب تأثيرالكاتب والمخرج المسرحي الألماني برتولد بريخت على المسرح العالمي، ومنه العربي والعراقي، ومساهمته في خلق مسرح يحمل هموم المجتمعات الإنسانية، وكيف تبنّى بريخت نظرية التغريب التي تعتمد على جعل الممثّل غيرَ متقمّصٍ للدور الذي يلعبه، إذ يتعامل مع النص أو الحوار بأسلوب سرديّ خالٍ من العواطف الجيّاشة والانفعالات المستخدمة في الأسلوب التقليدي، في سبيل كسر الحاجز بين الممثّل والمشاهد.
صدر حديثاً عن "منشورات جامعة ييل" كتاب "سيزان" الذي يضمّ مجموعة دراسات حرّرها كلّ من أكيم بورشاردت هيوم، وغلوريا غروم، وكيتلين هاسكل، وناتاليا سيدلينا. يضيء العمل تأثير الفنان الفرنسي (1839 - 1906) على أقرانه، والدور الذي لعبه في تطوير الفن الحديث، بالإضافة إلى تحليل تجريبه في صنع الأصباغ واستخدامها، وأسلوبه القائم على تأسيس لغة بصرية يمكنها ترجمة مشاعره إلى رسوم سمّاها "الأحاسيس القوية" وغيرها من القضايا من منظور فنانين ونقّاد مثل إيتيل عدنان وكيمبرلي موير وفيليدا بارلو وكلارا غرانزوتو وغيرهم.
عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" صدر حديثاً، للباحثة حنان محمود جميل، كتاب "الشخصية المتمرّدة في الرواية النسوية العراقية، في نماذج مختارة (2003-2013)". انطلاقاً من أن الشخصية تُعدّ "أهمّ المرتكزات" في الرواية، تسعى المؤلّفة إلى الكشف عن مظاهر وأسباب التمرّد لدى شخصيات الرواية النسائية العراقية، في محاولةٍ لاستشفاف واقع المرأة في البلد. واقعٌ تصفه الشخصيات بأنه محكوم بنظرة بريطاركية، ولا يشكّلن فيه إلا "الحلقة الأضعف". كما تبحث المؤلّفة في النحو الذي توظّف عبره الروائيات شخصياتهنّ المتمرّدة لعرض آرائهنّ الخاصّة.
"السلطة والحرية: دفاع عن الفنون" عنوان كتاب صدر حديثاً للناقد الأميركي جيد بيرل عن "منشورات كنوبف". يجادل المؤلّف بأن للفنون قوانينها الخاصة ومنطقها، ما يمنحها استقلالية وقدرة خاصّة على إزعاجنا وإلهامنا أيضاً مهما اعتقدنا للحظة أنها خضعت لتأثير نزعات محافظة أو ليبرالية. ويطرح نماذج للنقاش مثل أعمال موتسارت ومايكل أنجلو وجين أوستن وهنري جيمس وبيكاسو التي أكّدت بدورها أن جوهر الفن هو قدرته على تحريرنا من التعريفات والفئات الثابتة، وأن التفاعل الدائم بين السلطة والحرّية هو الذي يغذّي التجربة الخيالية.
بترجمة وفاء م. يوسف، صدرت حديثاً عن "دار صفحة سبعة" النسخة العربية من كتاب نيكولاس كار "السطحيون: ما تفعله شبكة الإنترنت بأدمغتنا". في عمله الصادر بالإنكليزية عام 2010، يتناول الكاتب الأميركي (1959) تأثير الإنترنت على قدرات البشر الدماغية، معتبراً أن المعلومات والإشارات التي يُرسلها إلى الدماغ تؤثّر على التركيز والتفكير والذاكرة، وأنّه يشجّع على التفكير السطحي. والنتيجة ظهور أجيال من السطحيّين ومنعدمي الثقافة، ويمتدّ ذلك إلى العلاقات الإنسانية التي تصبح أكثر ابتذالاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
"مطرٌ من طيور" عنوانُ آخر أعمال الباحثة الفرنسية، وأستاذة الأدب، مارييل ماسّيه، وقد صدر حديثاً ضمن سلسلة "بيبليوفيليا" لدى منشورات "كورتي" في باريس. تنطلق المؤلّفة من معطيَيْن: حضور الطيور بشكل كبير في الشعر والأدب العالميّين، منذ القدم، ومواجهة هذا النوع البشري لخطر الانقراض، حيث شهدت السنوات الـ15 الماضية اختفاء ثلث أعداد الطيور بسبب الأزمة البيئية. ضمن هذه الحبكة تقرأ ماسّيه علاقتنا بالطيور، وتفكّر انطلاقاً من هذه العلاقة بمسائل اللغة، وموقف الإنسان من الطبيعة ومن غيره من الكائنات الحيّة.