في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والفكرية والنقدية والاجتماعية والسياسية وأدب الرحلات.
■ ■ ■
عن "دار الآداب"، صدرت مؤخراً ترجمة جديدة إلى العربية لكتاب "الاستشراق" للمفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد. ترجمة أنجزها محمد عصفور، بعد ترجمات كل من كمال أبو ديب ومحمد عناني ونذير جزماتي. في كلمة الناشر جرت الإشارة إلى أن هذه الترجمة جاءت بطلب من سعيد "بضرورة أن يحظى هذا العمل بترجمة ميسّرة تختزل الكثير من الصعوبات التي يمكن أن يواجهها القارئ العربي" حيث إن الترجمات السابقة، على أهمّيتها، كانت موجّهة أكثر إلى قرّاء متخصّصين ملمّين بالأجهزة المفاهيمية التي يعتمدها إدوارد سعيد في كتابه المرجعي هذا.
"كل المدن أحلام" عنوان عمل جديد للشاعر المصري جرجس شكري يندرج ضمن أدب الرحلة صدر مؤخراً عن منشورات "آفاق". نقرأ من مقدّمة الكتاب: "أتجوَّل بين الأوراق، أو قُل بين المُدن، أستعيد هذه الرحلات، تركض مخيلتي في هذه المُدن بعد أن توقَّفت الأقدام عن الحركة، فأشعر أنَّني سافرتُ مرَّة أخرى من خلال الكتابة، وأنَّني أزور هذه المدن مرَّة أخرى، ألتقي بشرًا، وأشارك في أمسياتٍ، أحلِّق في الفضاء، بينما العالم عاطلٌ عن الحركة. فتبدو المُدن أحلامًا عشتُها في الواقع من قبل، والآن أعيشها مرَّة أخرى في هذه الأوراق".
يستعرض الباحث عبد القادر محمد الطائي في كتابه "نظرية السلطة المؤسسة" الذي صدر حديثاً عن "دار الشروق للنشر والتوزيع" الدراسات والأعمال الفكرية القانونية والسياسية التي انشغلت بنظريات تعالج أصل الدولة وكيفية نشأتها، وأركانها وخصائصها، وتوزيع وظائف السلطة المؤسسة ومبدأ الفصل بين السلطات وأنظمة الحكم، من خلال الإجابة عن تساؤلات مثل: هل تعّرف الدولة بدلالة السلطة، أم أن السلطة تعرّف بدلالة الدولة؟ وهل مسألة الحكم، أو شكل النظام السياسي وآلية عمله والمؤسسات المرتبطة به تعود للدولة، أم تعود للسلطة في الدولة؟
عن "دار أروقة للدراسات والترجمة والنشر"، صدر حديثاً كتاب "التوراة والحضارة المصرية" للباحث المصري طلعت رضوان. يعود المؤلّف إلى نصوص العهد القديم والمصادر التاريخية ومقارنتها في تناول الصراع بين المجتمع الرعوي الذي يمثّله اليهود وبين المجتمع الزراعي في الحضارة النصرية القديمة، والقائم على أدوات الإنتاج وأنماطه، مبيناً كيف تأثّر هذا الصراع مع تطوّر العلاقات الاجتماعية التي يفرضها كل نمط إنتاجي، واختراع الآلاف المرتبطة بالزراعة، وانعكاس ذلك على صورة كلّ طرف عن الآخر كما دوّنتها النصوص والنقوش الأثرية.
"الحشد: كيف غيّر المغول العالم" عنوان الكتاب الذي صدر لأستاذة التاريخ ماري فافيرو عن "منشورات بلكناب". يشير الكتاب إلى أن إنجازات المغول تتجاوز الانتصارات العسكرية وقدرتهم الفائقة على تنظيم الجيوش بحسب الصورة المتداولة عنهم، كما يظهرها إرثهم الحضاري في الهند وآسيا الوسطى وأجزاء من روسيا، حيث أقاموا نظام حكم متطور يكافئ بين الإداريين والدبلوماسيين والعلماء وبين النبلاء والقادة العسكريين، وكذلك كانت منظومتهم الاقتصادية التي استفادت من اختراعاتهم في مجال الفلك والصناعة، وساد التسامح الديني بعد تأسيس دولهم.
صدر مؤخراً عن "دار الجنوب" كتاب "محمود بيرم التونسي.. الصورة وفتنة المتخيل" للباحثة التونسية ابتسام الوسلاتي. تعتني المؤلفة في أول فصول الكتاب الأربعة بالصورة الأدبية بين المتخيّل والتمثيل الثقافي في إطار عامّ يتعلّق بالصّوريّات. أما الفصل الثاني فقد استعرضت فيه أطوار حياة محمود بيرم التونسي في مختلف محطاتها، ليدور الفصل الثالث حول الصورة الأدبيّة للأنا وللآخر وتشكلها في آثار محمود بيرم التونسي. وكان الفصل الرابع رصداً لصور التبادل الاجتماعي والقيمي والثقافي بين الفضاءات الثقافية التي عاش بينها.
عن "دار خطوط وظلال"، صدر مؤخَّراً كتابٌ بعنوان "الحرب على الفن" للفنّان التشكيلي والناقد الفنّي السوري طلال معلا، وفيه يُقدّم محاولةً للإضاءة على تاريخ الحروب على الفنّ والأعمال الفنّية في مجتمعات وثقافات وأزمنة مختلفة. وُلد معلا في بانياس عام 1952، ودرس الفنّ التشكيلي في إيطاليا، وقدّم مجموعةً كبيرة من المعارض التي أضاء في بعضها على انعكاسات الحرب في بلاده. ومِن إصداراته الأُخرى: "لغز الفن"، و"غروب الفن"، و"الصورة الشخصية"، و"العالم الضال: انحراف الرؤيا في الفنون"، و"تحوُّلات الجسد المبدع"، و"أوهام الصورة".
ضمن سلسلة "تراكت" التي تقدّم مواقف مفكّرين وباحثين من قضايا غير مكرّسة، صدر عن منشورات "غاليمار" كتاب "ما يفعله النضال بالبحث العلمي" لعالمة الاجتماع الفرنسية ناتالي هينيك التي تدرس كيف جرى تكريس الفصل بين تفاعلات الباحثين في الحياة الاجتماعية وبين المواضيع التي يدرسونه حتى بات الاشتغال على مواضيع تتقاطع مع الحياة اليومية للباحثين شبهة ضد الموضوعية. يُذكر أن هاينيك سبق أن نشرت كتاباً قريباً من فكرة هذا العمل وحمل عنوان "ما يفعله الفن بالسوسيولوجيا" الذي تناولت فيه حالة الوصم التي تمنع الفنانين من الكتابة البحثية.
عن "دار التنوير"، صدر حديثاً كتاب "الدين والكرامة الإنسانية" للباحث عبد الجبار الرفاعي. يبحث العملُ في مقاربة الأديان لمفهوم الكرامة الإنسانية، على اعتبار أنَّ الإنسان، ومِن ثمَّ كرامتُه، هي غاية الدين، وأنه لا يُمكن فهم الدين قبل فهم الإنسان وحاجته إلى الكرامة. يعتبر المؤلِّف أنَّ "المعيار الكلّي لاختبار إنسانية أي دين هو كيفية تعاطيه وإعلائه للكرامة الإنسانية، والموقع الذي تحتلُّه الكرامة في منظومة القيم لديه"، مضيفاً أنَّ "إنسانية الدين تُلخّصها نظرته للكرامة بوصفها القيمة التي تستحضر كلّ قيمة إنسانية".
"يهود مصر في القرن العشرين: كيف عاشوا ولماذا خرجوا؟" عنوان كتاب للباحث المصري محمد أبو الغار، صدر حديثاً عن "دار الشروق". يطرح العمل تساؤُلاتٍ من قبيل: هل كان يهود مصر مصريين فعلاً؟ وإذا كانوا كذلك، فلماذا تركوا الوطن؟ يستند أبو الغار، في محاولته كتابة هذا الجانب من التاريخ الاجتماعي المصري، إلى وثائق ودراسات عدّة؛ من بينها محاضر جلسات الطائفة اليهودية في مصر بين 1886 و1961، ومؤلّفات عدد من اليهود المصريّين الذين هاجروا إلى فرنسا، ولقاءات حيّة وتسجيلات صوتية ليهود مصريّين موثَّقة في عدد من مراكز الأبحاث.