ثمّة فضاءٌ مفتوحٌ يمتدّ داخل لوحة إبراهيم الحسون مشبعاً بألوان التراب؛ حمراء وبنية والصفراء، وتحضر فيها مفردات عديدة استمدّها من مكانه الأول، حيث عاش طفولته المبكرة في ريف حلب الجنوبي، ضمن تشكيلات متنوّعة تمزج روحاً تشخيصية تظهر في أشكال حيوانية وإنسانية غير واضحة المعالم بلغة التجريد.
يرسم الفنان السوري (1972) مناظر من الطبيعة بتطريز لوني يحفل بتفاصيل كثيرة متناثرة فوق السطح دون أن يؤطّرها مشهد متسق، وكأنها انثيالات الذاكرة محتشدة بلا انتظام حيث أثر البيوت ونوافذها المشرعة، أو تظهر تضاريس متنوعة في اللوحة نفسها، وكذلك خطوط وأشكال غير مكتملة أحياناً.
"مدن الطين – ثوب أمي" عنوان معرض إبراهيم حسون الذي يفتتح عد السابعة من مساء اليوم الثلاثاء في "غاليري آزاد" بالقاهرة، ويتواصل حتى الأول من الشهر المقبل حيث يضمّ أعمالاً جديدة تمثل امتداداً لسابقاتها ضمن تنويعات مختلفة.
في المعرض، سلسلة من لوحات تحمل جزءاً من عنوانه "مدن الطين" فيها قباب ومنازل طينية تتداخل مع ألوان زاهية مثل الأحمر والأخضر والأزرق أو الأسود أحياناً تحيل إلى الجزء الثاني من العنوان، أي أنها اُقتطِعت من ثياب على شكل زخارف تذكّر بمحاكاتها للزهر والخضرة في الطبيعية، لتتشابك هذه الزخارف مع التراب.
تظهر مقاطع الثوب بأشكال عديدة كالدائرة والمربع والمعيّن وغيرها من النقوش التي تتجاور مع أشكال وخطوط تحيل إلى البيت، وقد يأخذ الثوب شكلاً إنسانياً بما يشير إلى ذلك الرابط الأزلي بين البشر والطين، منه يخرجون وإليه يعودون.
في تقديمه للمعرض، يقول الحسون: "إن مدن الطين وثوب الأم هما وسيلة لصياغة نصٍّ بصريٍّ بعيدا عن الحكي أو السرد المباشر، هو نصٌّ بصري يفكك العناصر ويعيد صياغتها من جديد، فمدن الطين بالنسبة لي تُمثّل قيمة كبيرة، فأنا مولود بقبة طينية، وهذه البيئة ذات البيوت المصنوعة من الطين ذات الشكل العفوي، اليد البشرية هي التي بنتها من مادة الطين، بالإضافة إلى مادة التبن، لذلك تكون هذه البيوت أقرب إلى الروح والقلب، من تلك البيوت التي تصنعها الآلات التي نراها حالياً، وهذه البيئة مكان مفتوح أمامي".
يُذكر أن الفنان حاز على شهادة دبلوم الدراسات العليا للفنون الجميلة قسم التصوير الزيتي من "جامعة دمشق" 1996، أقام أكثر من عشرين معرضاً فردياً في تركيا وسورية ومصر وإسبانيا وغيرها.