غبار على المصباح
"الأرض
صخرة
لا تشيخ ولا تجوع"، قال عاشور
"الأرض
نملة مرّة،
وكالطود مرة أخرى"، قال ابن الوردي
"سأجزّ العشب على الصخرة العالية،
أمّا تلك البيوت الغارقة في الظلال،
سأعلّق على حيطانها، صور الفتية الغافلين"، قال عاشور
"خيط الفرحٍ اللمّاع، أنا روحُه الجيّاشةُ
الشجرات في أعالى الجبال، أنا كتاب خرافاتها
الغبارُ على المصباح، أنا حامل جسده حيث حطّ"، قال ابن الوردي
"سأدفعُ بهذا البحر وهذا الجبل،
إلى مساء شاسعٍ"، قال عاشور
"ليس هذا حدُّ البحر، حدّهُ في قلب السماء"، قال ابن الوردي
◼◼◼
كانت النافذة
في الصباح، كانت النافذة تهتزّ قليلًا، والولدُ، يتأرجح تحت شجرة اليوكيلبتوس.
في الظهيرة، كانت اليدُ ناعمةً، الشهقةُ حارقةً، الصدرُ وردةً، ورعشةُ الشفتين غمرتها مياهُ البحر.
في المساء، الراحلون، ينتظرون الظلَّ بين الماء والسماء.
في الصباح، كانت النافذةُ تطلُّ، على غابة ونهر.
امتلأت الغابةُ بالعشّاق، والنهرُ بالأسماك.
ضجّتْ الغابةُ بأصوات الأطفال، والنهرُ بطيور اللقلق.
في الليل، عادت الغابةُ إلى سكينتها، والنهرُ إلى حبيبه القمر.
◼◼◼
أهكذا إذن!
في الحلبة، الفرسُ والفارسُ.
لا تغضب، إن غادركَ البحرُ، وانسابت حبّات الهوى، بين أصابعك.
إلى متى، تدفع بالشجى إلى حافّته القصوى.
رويدك يا شاعرُ، وجوه الأهل على حائط الليل، والعصافير تؤنس وحشتك.
لا تلتفت، إلى وجهك على الحجر، سيأتي وقتٌ لا محالة.
الشايُ على الطاولة والأحاديثُ دافئة!
في الركن البعيد، ظِلُّ المرأة يرتعش.
سيأتي وقتٌ لا محالة، الكأسُ على الطاولة والأحاديثُ كرات ضوء.
الريح، لامست خصلة الشَعر، القاربُ والقبطانُ، ابتسما واختفيا في الأفق.
أهكذا إذن، تميل الشجرة على السوسنة وتتلذّدُ الشفاه بالشفاه؟
أهكذا إذن، ترقص في حقلنا القبّرات؟
◼◼◼
سترة الشاعر
النسّاجون والنسّاجات:
قطفوا كلّ ارتعاشة، رمتْ بها قلوبهم.
قطفوا غاباتهم ومطرهم وحيواناتهم.
قطفوا رغيفهم عسلهم سمنهم ونومهم.
في سترة الشاعر، مالينخوليا، قد تخفيها زهرة حمراء، أو تتباهى بها صرخة حجر.
◼◼◼
ارتجال عازف الترمبيت
يدان تسوّيان، رداء البحر.
يدان تربّتان، على كتف الغابة.
حجارةٌ في البحر، تُحدّثُ عن سفنٍ جاءت ورحلتْ.
بذورٌ في الغابة، تحدّثُ عن كونٍ جاء ورحلْ.
أصيصُ وردٍ، على الطاولة.
شجنٌ، يُطلُّ من وراء النافذة.
سماءٌ زرقاء، تتثاءب.
◼◼◼
السماء البعيدة
في السماء البعيدة، الحمحة حمراء، الفراشة تلويجة يدٍ طليقة.
في السماء البعيدة، الأغاني أوراق تين، الشرفة، ضيّقة.
هذه أحلامي، التي تركتها في صندوق طفولتي.
الرأس يبكي، لكنه لا يملك جسدًا، يأخذه إلى الشوارع.
الرأس، خالٍ من الضحكات، خالٍ من الغضب، خالٍ من الحسد.
الرأس، يعرف أنّ أثقاله كبيرة.
* شاعر من ليبيا