أنفاسها الحيّة في كلّ ريشة

01 سبتمبر 2021
باية محي الدين/ الجزائر
+ الخط -

روحي قلقةٌ
طائرٌ كبير هيَ
يحمل أجنحته الثقيلة داخل برج صخري
يدور حول نفسه
يضرب جناحيه بقوّة
على الصّخر الأصمّ
لكن لا أحد يسمعه.
 
في الداخل
صمتٌ سميكٌ
كَزَمن قُطراني
غرقتْ فيه حناجرُ كثيرة.

قُصَّت أطرافُ جناحَيِ الطائر
لِتتلقّفه جاذبية مجنونة
لكنّه مُتَشبِّثٌ
بحبال أسطورته القديمة
يرفع رأسه
تلمع عيناه دمعاً
يُمرِّر منقاره بحنوّ على جناحيه.

ريشتان
مربوطتان في خيطٍ يتدلّى
كالاعتراف المُنتظَر في آخر الرّواق
ريشتان تهتزّان
كقطرتَيْ مَطر يتيمتين 
تاهتا في الصحراء
ريشتان
انفصلتا
عن الجناح المهيب.

كم كان أنيقاً فخماً شامخاً
هو الآن روحٌ تُقاوم تتشبّث بكلّ قواها
تبعث أنفاسها الحيّة في كلّ ريشة
في كلِّ عَضلة
في كلّ عَظْم
كي يرتفع الطائر
ويطير في دوّامته الضيّقة.

على الجدران، صوتُ ارتطام مُتكرِّر 
صوتٌ متألِّم
صخرٌ بليد يبتلع صدى صرخات مكتومة
برجٌ ضيّق كأنّه عنق زجاجة قديمة
مهمَلة في قاع بئر مهجورة
أجنحة تخفق بيأس
يرتفع الطائر
ينزل الطائر
و الجاذبية الخبيثة تشدّ إليها طرف الخيط
تُلاعب طائرتها الورقيّة.

ثلاث ريشات
تتدلّى في قبضة خيطٍ لا مرئيّ
وصرخة واحدة
وارتطامان

خمس ريشات
تتهاوى 
كأنّها في فيلمٍ صامت يُصَوَّر ببطءٍ
تتأرجح على وجنات الهواء المنتفخة هزلاً.

ريشاتٌ كثيرة
كَنُدَف الثلج
كاعترافات الدقيقة الأخيرة
في حضرة مَلَك الموت المحترم.

سقوطٌ حرّ
ارتطامٌ واحد
وأخير.

* شاعرة ومترجمة من الجزائر

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون