أنطوني تابياس.. لوحاتٌ تذكّر بمآسي التسعينيات

08 سبتمبر 2022
مقطع من "دوخكا"، 1995 (من المعرض)
+ الخط -

في عام 1920، وضع الفنان الروسي فاسيلي كانديسكي، عرّاب التيّار التجريدي في التشكيل، كتابه الأبرز: "عن الروحيّ في الفن، وفي التشكيل على وجه الخصوص"، الذي جمع فيه مُجمل رؤاه حول طبيعة وإمكانيات الفن التجريدي، حيث كان هذا الفن يُتّهم، في بداياته تلك، بأنه مجرّد خطوط وألوان تُرسم على سطح اللوحة بعجالة، من دون أن تحمل أيّ معنى، في حين دافع كانديسكي عن الحمولة الكبيرة، في المعنى، والتعبير عن الظرف الإنساني، في الأعمال التجريدية.

الفنان الإسباني الكتالاني أنطوني تابياس، المولود بعد صدور كتاب كانديسكي بعقد ونيف (1923 ــ 2012)، سيعمل حتى رحيله بمقولة العرّاب الروسي، متمسّكاً بالتجريد في لوحاته، باعتباره الأسلوب الأكثر قدرةً على قول ما يريد الفنان قوله حول حقيقة الإنسان، والوجود، وحول مختلف الأسئلة الاجتماعية والسياسية التي يواجهها.

"تابياس، السوداوية" هو عنوان المعرض الذي تستضيفه "مؤسسة تابياس" في برشلونة حتى الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر الجاري، والذي يركّز على أعمال الفنان الكتالاني البارز خلال عقد التسعينيات.

ورغم أن هذا العقد بدا أشبه بتتويج لمسار تابياس الطويل والمتفرّد في الفن، حيث شهدت سنواته والسنوات السابقة تكريمه في عدد من أبرز مؤسّسات الفن بأوروبا، والاعتراف بإضافته إلى الفن الإسباني والتشكيل العالمي عموماً، إلّا أنه عقدٌ عرف فيه مرحلة من السوداوية واليأس اللذين استحضرهما في أعماله، وأشار إليهما في حواراته الصحافية حينها.

الصورة
من المعرض
من المعرض

تضيء اللوحات المعروضة على هذا المناخ النفسي، وعلى خيبة أمل الفنان بعد انهيار جدار برلين، وسقوط ما نظر إليه بوصفه نظاماً اشتراكياً قادراً على مواجهة الرأسمالية، حيث تحضر في العديد من لوحاته خلال هذه الفترة الأشكالُ الخطّية، المرسومة بفرشاة عريضة فوق أجساد وكتل بشرية، ضمن إحالات إلى السقوط والقطيعة والنهاية وربما المقصلة، كما تُختصَر الألوان إلى عالمَيْ الأسود والأبيض، بتدريجاتهما، في إشارة، غالباً، إلى الانقسام السياسي والأخلاقي بين عالمَيْ الخير والشر.

كما أن الأزمات السياسية، والمآسي التي عايشها الفنان في ذلك الوقت ــ من المجازر في رواندا إلى حرب البوسنة ــ تركت أثرها الكبير على اشتغالاته حينها، حيث راحت تظهر في لوحاته أشكالٌ نادراً ما التفت إليها سابقاً، مثل الأكفان، والجماجم، والأطراف الممزّقة والمفصولة عن باقي الجسد، في استحضار للعنف البشري ولمسألة الموت.

المساهمون