أصدقاء لغتنا: مع ستار جليل زاده

14 يوليو 2024
ستار جليل زاده
+ الخط -
اظهر الملخص
- **بداية العلاقة مع اللغة العربية ومسيرته الأكاديمية**: وُلد ستار جليل زاده في بيئة عربية، وتعلم الفارسية رسمياً، لكنه تخصص في اللغة العربية وآدابها، وعمل كمدرس لمدة ثلاثين عاماً قبل أن يهاجر لمواصلة دراسته الجامعية.

- **أعماله المترجمة واستقبالها**: بدأ بترجمة "زخمه ها" وتبعها بترجمات ناجحة مثل "وحدها شجرة الرمّان" و"الريح ترقص بين الأوراق"، مما حقق له شهرة واسعة في إيران.

- **التحديات والتطلعات المستقبلية**: يواجه تحديات الرقابة وضعف التفاعل مع المؤسسات الثقافية العربية، ويطمح لتعزيز التعاون ودعم المترجمين مادياً ومعنوياً.

تقف هذه الزاوية عند مترجمي الأدب العربي إلى اللغات العالمية المختلفة، ما هي شواغلهم وأسئلتهم وحكاية صداقتهم مع اللغة العربية. "يلقى الأدب العربي المُعاصر المترجَم إقبالاً جيّداً في إيران خلال العقد الأخير"، يقول المترجم الإيراني ستار جليل زاده في حديثه إلى "العربي الجديد".



■ متى وكيف بدأت علاقتك باللغة العربية؟

- وُلدتُ ونشأت في بيئة عربية أصيلة، حيث كانت اللغة العربية هي لغة التخاطب اليومي بين أفرادها. بالإضافة إلى اللغة الفارسية الرسمية التي تلقّيناها في المدارس، كانت العربية هي لغتنا الأُمّ. وعندما التحقتُ بالجامعة، ونظراً إلى شغفي بالأدب العربي، اخترتُ التخصّص في مجال اللغة العربية وآدابها. وقد حظيتُ بشرف التعلّم من أساتذة أجلّاء في هذا المجال، ما أتاح لي اكتساب مهارات ومعارف واسعة في العربية وآدابها.


■ ما أوّل كتاب ترجمتَه وكيف جرى تلقّيه؟

- كتابي الأول كان بعنوان "زخمه ها" أي "الربابات"، ضمّنت فيه ترجمات لقصائد من شعراء عرب معاصرين من بينهم: نزار قباني، وأدونيس، وقاسم حداد وآخرون. لكن بعد ذلك، اتّجهتُ إلى الترجمة جدّياً أكثر، فترجمتُ عدّة روايات ومجموعات شعرية ومجموعات قصصية لكتّاب وشعراء عرب معاصرين، وقد لاقت هذه الترجمات رواجاً كبيراً لدى القرّاء.


■ ما آخر إصداراتك المترجمة من العربية وما هو إصدارك القادم؟

- آخر كتاب ترجمته من الأدب العربي المعاصر هو رواية "وحدها شجرة الرمّان" الرائعة للكاتب العراقي الشهير سنان أنطون، وقد حققت ترجمة هذه الرواية نجاحاً كبيراً، إذ أُعيد طبع الكتاب ثلاث مرّات خلال عام واحد من نشره، ونال استقبالاً قوياً من القرّاء الناطقين باللغة الفارسية، كما جرى تناوله ومناقشته في العديد من الجلسات الأدبية ونوادي الكتاب.

أمّا الآن، فأُعدّ لطبع مختارات من القصائد القصيرة للشاعر محمود درويش تحت عنوان "بوي قهوه عطر عشق" أي "رائحة القهوة، عطر الحب"، كما أُحضّر أيضاً لِطبع المجلّد الأوّل من سلسلة من سبعة مجلّدات عن الشعر العربي المعاصر بعنوان "دعوني أغنّي". وقد خصصت هذا المجلّد للشاعرات العربيات المعاصرات، خاصّةً الشاعرات العراقيات مثل نازك الملائكة، وبلقيس حميد حسن، ودنيا میخائیل، ووفاء عبد الرزاق، ورنا جعفر یاسین، وریم قیس کبّة وأخريات. أعمل، في الوقت نفسه، على ترجمة رواية "حارس التبغ" للكاتب العراقي علي بدر وكتاب "الثوريون لا يموتون" (حوارية مع جورج حبش).

تفاعل المؤسّسات الثقافية العربية مع المترجمين ضئيلٌ جدّاً

■ ما العقبات التي تواجهك مترجماً من اللغة العربية؟

- نحن نعيش في جغرافيا لا يمكننا فيها ترجمة كلّ ما نرغب فيه، وهذه هي العقبة الأهمّ لأنّنا نواجه ضغوط الرقابة لدرجة أنّنا نلجأ إلى الرقابة الذاتية. يواجه المترجم الإيراني قيوداً يصعب عليه تجاوزها، فضلاً عن أنّ الناشرين لم يبدوا اهتماماً كبيراً بترجمة الأدب العربي المعاصر حتى قبل عقد من الزمن، لكن لحسن الحظ، وبفضل جهود المترجمين المهرة والمستقلّين،  كُسر هذا الجمود إلى حدّ ما، وبجرأة يمكنني القول إنّه بفضل الترجمات الممتازة لهؤلاء المترجمين، يحظى الأدب العربي اليوم في مجال الرواية والقصّة القصيرة والشعر والفكر بنموّ مقبول ويلقى استقبالاً جيّداً من القرّاء الإيرانيّين.


■ نلاحظ أن الاهتمام يقتصر على ترجمة الأدب العربي وفق نظرة واهتمام معيّنين، ولا يشمل الفكر وبقية الإنتاج المعرفي العربي، كيف تنظر إلى هذا الأمر وما هو السبيل لتجاوز هذه الحالة؟

- هذا السؤال عميقٌ جدّاً، ويجدر بنا أن ننظر إلى الترجمة بوصفها جسراً بين ثقافة اللغة المصدر واللغة الهدف. ويُمكن لهذا الجسر أن يظلّ صامداً في ظلّ ظروف وعوامل مختلفة، وذلك من خلال: أوّلاً: دُور النشر المخلصة وتفاعلها مع المترجمين، وثانياً: دَور المؤسّسات الثقافية في التواصل مع المترجمين المستقلّين ذوي الخبرة، لضمان نقل الثقافة نقلاً سليماً، وثالثاً: دعوة المترجمين المستقلّين باستمرار إلى المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب، وخلق مساحةٍ للتفاعل الثقافي معهم.


■ هل هناك تعاون بينك وبين مؤسسات في العالم العربي أو بين أفراد وما شكل التعاون الذي تتطلع إليه؟

- للأسف لا يوجد أي تفاعل أو اتصال مستقلّ بين المترجمين والمؤسّسات الثقافية في الدول العربية، وإذا كان هناك أيّ تفاعل، فهو ضئيل للغاية. بالتأكيد، من خلال تفاعل المؤسّسات الثقافية مع المترجمين المستقلّين وتقديم الدعم المعنوي والمادّي ودعوتهم لحضور المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب الدولية، أعتقد أنّه يمكننا أن نشهد نموّاً متزايداً للترجمة في جميع مجالات الأدب والفنّ والفكر العربي.


■ ما هي المزايا الأساسية للأدب العربي ولماذا من المهم أن يصل إلى العالم؟

- لقد حظي الأدب العربي بميزات جمّة بفضل اتّساع رقعة انتشاره وتنوّع ثقافته الغنية، وهذا ما يُشجّع المترجمين، مثلي، على ترجمة إبداعاته الأدبية الثرية في مجالات الرواية والقصّة والشعر إلى اللغة الفارسية وتعريف القارئ الفارسي، تعريفاً أوسع، بهذه الثقافة الغنيّة. كما أنّني أريد أن أقول إنّ سعادتي لا توصف برؤية الإقبال الجيّد الذي لقيه الأدب العربي المعاصر المترجَم خلال العقد الأخير، من الناشرينَ والقارئينَ المثقّفين في إيران على حدّ سواء.



بطاقة

مترجم وباحث إيراني متخصّص في الأدب العربي المعاصر، وُلد عام 1956 في مدينة الفلاحية بمحافظة خوزستان. عمل مدرّساً لمدة ثلاثين عاماً في مدارس المحمرة والأهواز وآبادة وكرج. هاجر من الأهواز إلى كرج عام 1994؛ حيث واصل دراسته الجامعية في مجال اللغة والأدب العربيَّين، وبدأ بترجمة الأعمال العربية المعاصرة.

نشر حتى الآن قرابة عشرين عملاً مترجماً من العربية إلى الفارسية؛ من بينها: "الربابات" (2012)، و"العبقرية والجنون" (2014) لهاشم صالح، و"الضوء الأزرق" (2015) لحسين البرغوثي، و"كوني من حروفي الأبجدية" (مختارات شعرية لنزار قباني/ 2016)، و"حرب الكلب الثانية" (2018) لإبراهيم نصر الله، و"اعترافات أبي نواس" (2017) لكامل الشناوي، و"وحدها شجرة الرمّان" (2021) لسنان أنطون، و"الريح ترقص بين الأوراق" (مختارات شعرية لأدونيس/ 2022)، و"رائحة القهوة، عطر الحب" (مختارات شعرية لمحمود درويش/ 2024).

أصدقاء لغتنا
التحديثات الحية
المساهمون