كم مشيت إلى عناوين، أحيانًا بناءً على اقتراح رجل موثوق به أو امرأة محلوم بها، ولا أصِل؟
وهذا مسعى شعري طيّب، حيث لا تروق للشعراء عموماً فتنة الوصول.
ينصحني قلبي، كلّ صباح، باجتياح المدينة، التي أكون فيها زائراً أو جوّالاً مستجدّاً، متحصّناً باحتمال التوهان اللذيذ، فأمشي وأمشي الكيلومترات، بلا هدف بائن، كي أترجم لنفسي الجمال في المباني والمناظر الطبيعية والنساء، ثم أتوقّف أحيانًا بسبب اللهب المتعاطف مع عابرة: أي زلزال هذا الجمال الربّاني لمن يقدّرون النعمة؟
(وبعض الإصدارات الجديدة من الأدب الخيالي).
وأحيانًا أتوقّف لأسباب تجارية بحتة (شراء رغيف وبعض اللبن).
ثم أعاود المشي، دون أيما التفات إلى بعث رسائل لجهة ما (من أنا كي أبعث، والهامش مرقدي والسماء غطاء؟)
ولا يخلو الأمر، في أحايين، من كتابة مرثيات عن الشجر والطير والحجر والبشر، لكنها لا تكون على مستوى الألم الحادث (ولا على مستوى الشعر، أيضًا).
إنّ العالم كلّه هناك، بينما أنا هنا وحدي.
وهذا هو السبب في أنّنا يجب أن نحتفل بأي نساء يعبرن الشارع، وبأي رجال يكدحون في بناء العمارات أو في أعمال الترميم (كم كنّا مثلهم لسنوات، في أزمنة مضت وانقضت، ويا حبذا لو ترجع، كي نسير في نفس المسار).
أمشي، وبدلاً من معرفة اللغة الألمانية، أتعرّف على طيور ونساء وأشجار ألمانيا، هذه المرّة.
(بلد السيارات تركب غير الحديثة منها).
أنتهي إلى عدم تقديم أي قبس من الفن الشعري.
فقط أكتب ترجمة وملاحظات، دون أي خاتمة جيّدة.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا