"مهرجان صفاقس الدولي".. ما صنعه الانكماش

28 يوليو 2022
من أمام "المسرح الصيفي" في صفاقس
+ الخط -

عادةً ما يستدعي الحديث عن برمجة مهرجانات الصيف في تونس جملةً من التساؤلات؛ البداية من الجدل حول الأولوية، ثمّ مروراً بمعايير التنظيم والتجهيز، وليس انتهاءً بقائمة المشاركين، والتي يتحوّل الخوض فيها إلى أخذ وردّ لدى الجمهور. ورغم أنّ أغلبية الفعاليات الثقافية عادت لتنتظم بعد سنتين من الانقطاع الذي فرضته جائحة كورونا، لكن من جهة ثانية يمكن القول إنّ الفترة الماضية من الانحسار الملحوظ للوباء، كانت فرصة للإعداد والتحضير أيضاً، أو كان ينبغي ذلك.

تستعدّ مدينة صفاقس التونسية عند العاشرة من مساء غدٍ الجمعة، لاحتضان الدورة الثانية والأربعين من "مهرجان صفاقس الدولي". وبالنظر إلى خارطة تظاهرات الثقافة والفنون التونسية لهذا الصيف، فإنّ المهرجان يُتابع ما بدأته مهرجانات أُخرى على غرار "قرطاج الدولي" و"الحمّامات الدولي" اللذين افتُتحا في وقت سابق من هذا الشهر. ومسألة المتابعة، أو أن تكمّل هذه التظاهرات بعضها البعض، من المفترض أنّه نوعٌ من التقليد السنوي في البلاد.

وحسب البرنامج الذي أعلن عنه المنظّمون، فإنّ الافتتاح يُقام على خشبة "المسرح الصيفي" في سيدي منصور، ويقدّم فيه الفنّان لطفي بوشناق حفلاً غنائياً، على أن يَختَتم المهرجانَ الموسيقيُّ عبد الرحمن العيادي بأمسية تحمل عنوان "أنغام في الذاكرة" بمصاحبة "فرقة الوطن العربي للموسيقى". في حين تتوزّع الأنشطة ما بين الموسيقى والمسرح اللذين يطغيان على أي شيء آخر، حتّى تبدو الفعاليات السينمائية شبه غائبة، وتقتصر على مساهمةٍ من توقيع الممثّل والمخرج التونسي ظافر العابدين الذي يقدّم عملاً بعنوان "غدوة".

الاستثمار في الأنشطة الغنائية جعلها تتضخّم على حساب غيرها

وفي مستوى أكثر حضوراً، تنتظم في المهرجان عروضٌ مسرحية عدّة منها؛ "فيزا" (30 تموز/ يوليو) لكريم الغربي، الذي يحاول من خلاله قراءة المشهد الاجتماعي وطموحات السفر عند الشباب، و"بيغ بوسا" لوجيهة الجندوبي و"المايسترو" لبسام الحمراوي، إضافةً إلى عرض آخر للمسرحي لطفي العبدلي. وبملاحظة سريعة لهذه البرمجة يُلتمس منها أنّها تنحو صوب التجريب أكثر، ويتجنّب صُنّاعُها تقديم نصوص مُشتبكة أو مأخوذة عن أعمال عالمية، وكأنّ المهرجان الذي ظلّ يتّسم سابقاً بإطلالة أوسع على المشاركات الدولية والعربية، ارتضى أن يكون محلّياً وحسب، حتّى على مستوى الإنشاء والتوجّه الأوّلي.
 
وفي ظلّ انكماش الأفكار الخلّاقة التي تستهدف تفاعُلاً أكبر مع الجمهور، لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى غياب الفعاليات الموجّهة للأطفال، أو الالتفات إلى المعالم الأثرية في المدينة، على عكس الدورات السابقة. ومن هُنا لم يبقَ أمام المنظّمين سوى الاستثمار في الأنشطة الغنائية، وهي على أهمّيتها، كان من الأفضل ألّا تتضخّم على حساب غيرها، خاصّة أنّ الميزانية المرصودة لهذه الدورة حُدّدت بـ 700 ألف دينار تونسي.

يُشار إلى أنّ أبرز العروض الموسيقية المُشارِكة هي: "الزيارة" للموسيقي وعازف البيانو سامي اللجمي بطابعها الصوفي التراثي، و"زوّار تونس" لمرشد بو ليلة، و"سلطانة" للفنّانة شهرزاد بالتزامن مع "اليوم الوطني للمرأة" في الثاني عشر من آب/ أغسطس المقبل، بالإضافة إلى حفل قدود حلبية يقدّمه الفنّان عامر عجمي.

المساهمون