"للحظة وجيزة": تفسيرات شخصية لماضٍ جماعي

14 يوليو 2022
(عمل لـ زينب سديرا، من المعرض)
+ الخط -

بعد حصولها على درجة الماجستير من "مدرسة سليد للفنون الجميلة" في لندن عام 1997، بدأت الفنانة الجزائرية الفرنسية زينب سديرا (1963) بالاستناد إلى أرشيف عائلتها الشخصي من أجل التعبير عن مواضيع اللغة التي باتت أحد شواغلها، بالنظر إلى صعوبة التواصل بين والدتها وابنتها، بحكم إقامتها في الغرب، وكذلك الهجرة وتعدّد الهوية الثقافية.

أمّا الفنانة المغربية المقيمة في سويسرا لطيفة الشخش (1974)، فتنتمي إلى جيل لاحق حيث أقامت أولى معارضها قبل نحو عشرين عاماً، وتضمّنت تجهيزات ورسومات وكتابات تبحث متلازمتَي التكرار والخلود في التعامل مع الزمن، والفكر المؤسّس للاستعمار الفرنسي.

"للحظة وجيزة […] عدّة مرات" عنوان المعرض الذي يجمع الفنانتين، وافتُتح في "بيت الفن" بمدينة بازل السويسرية في الثالث من حزيران/ يونيو الماضي، ويتواصل حتى السابع عشر من تمّوز/ يوليو الجاري.

(عمل لـ لطيفة الشخش، من المعرض)
(عمل لـ لطيفة الشخش، من المعرض)

تعود سديرا إلى الأرشيف السينمائي في فترة مهمّة من تاريخ بلادها، حين كانت تقاتل من أجل الحصول على استقلالها، حيث تُشكّل هذه الأفلام التي أنتجت ما بين الستينيات والثمانينيات محطّة مهمة في تأسيس السينما الجزائرية، وخطابات ما بعد الاستعمار.

تمزج الفنانة بين قصص تخصّ عائلتها وبين تمثّلات الذاكرة الجماعية لشعبها من خلال دمج مشاهد من أفلام تنتمي إلى تلك المرحلة وكذلك البطاقات البريدية وقصاصات من صحف ومجلات، في فيلم قصير مدّته تسع دقائق تقوم خلاله بتجميع كلّ هذه الأجزاء بأسلوب تجريبي، من أجل استعادة الرواية الشخصية كمحرّك لقوّة التجربة لدى الجماعة والمشاركة بين أفرادها.

من جهتها، تقدّم الشخش أعمالاً تحتوي على القمصان والأحذية والنظارات وعبوات السجائر والمعدّات الرياضية وتذاكر الحفلات الموسيقية، مغطّاة بالكامل تقريباً بالحبر الأسود، في تركيز على حضور الأشياء المتناثرة التي تعكس الحياة المعاصرة في الظلام، مع توجيه كشّاف ضوء نحوها. 

تقيم الفنانتان حواراً بين تجربتيهمها اللتين تستندان إلى مشاعر مختلطة تنشأ عن تذكّر أحداث شخصية ترتبط بماضٍ جماعي وتأملها، سواء في حضور الناس وغيابهم، وتتابع الأفلام، والأغاني، والكتابات، والروائح والصور التي تتراكم بطريقة غير منتظمة، وتتيح مساحات جديدة لاختبار موضوعات تتصل بالهوية والانتماء وتبادل المشاعر من الفرد باتجاه الجماعة وبالعكس.

معظم الأعمال المعروضة نُفّذت خلال عام 2019، في محاولة لتحديد نقطة مرجعية واحدة لرحلة عبر المكان والزمان، وتفسير الأحداث السياسية من زوايا نظر متعدّدة تعود إلى موقع الفرد الجغرافي والاجتماعي والثقافي في تلقّيها.
 

المساهمون