شكّلت بيروت في أواخر القرن التاسع عشر قطباً قوياً من أقطاب النهضة الثقافية العربية، وتجلّى ذلك في ازدهار دور الطباعة وإحياء حركة الترجمة والأدب، وكذلك رعاية الفنون والشؤون التربوية. ومن بين عدد من الصحف التي أُسّست في تلك المرحلة، برزت صحيفة "ثمرات الفنون" التي أُطلق العدد الأوّل منها في 20 نيسان/ أبريل 1875 على يد رئيس بلدية بيروت حينها عبد القادر القبّاني.
لمّدة ثلاثة وثلاثين عاماً ظلّت الصحيفة تصدر أسبوعياً كلّ ثلاثاء، حتّى توقّفت بشكل نهائي عام 1908. واليوم، وبعد قرابة 114 عاماً على آخر عددٍ صدر منها، تعود مجملُ أعدادها لترى النورَ مجدّداً عبر المنصّة الرقمية التي أطلقتها "الجامعة الأميركية في بيروت" مؤخّراً وخصّصتها لاحتضان أعداد الصحيفة.
لم يكن مؤسّس "ثمرات الفنون" رجلَ إدارة وحسب، بل يُمكنُ القول عنه إنّه أحد أعيان النهضة الفكرية كما امتدّ نشاطُه ممّا هو فكري وثقافي إلى المناشط الاجتماعية أيضاً، عندما أسّس "جمعية المقاصد الخيرية الاجتماعية" في بيروت عام 1877، وجمعية أُخرى في طرابلس تُعنى بتعليم الفقراء بالتعاون مع محمد رشيد رضا.
وقد انعكست شخصية القباني الأدبية والفكرية على موضوعات الجريدة نفسها، فتنوّعت المواضيع التي تهتمّ بها؛ حيثُ واكبَت الأفكار النهضوية والاهتمام باللغة العربية وكذلك الترجمة.
يُشار إلى أنّ الأعداد التي توفّرها المنصة الرقمية تتابع مسيرة الجريدة بشكل كامل، وقد قامت الباحثة إنعام القبّاني بجمعها من مكتبات عدّة بين لبنان وتركيا ومصر، وإنشاء نسخة رقمية عنها، الأمر الذي يعدّ خطوة أرشيفية تحافظ على إرث الصحافة والمطبوعات في مدينة بيروت.