"الإعدام الرقمي للرواية الفلسطينية.. مخاطرها وسبل مواجهتها، نحو دليل إرشادي" عنوان الورشة الافتراضية التي نظّمها "ملتقى فلسطين" أمس السبت، وشارك فيها متخصّصون في منصات التواصل والذكاء الصناعي، هم: لواء أبو خيط، وخالد طه، ومحمود الشريف، وأدارها فراس عبد الرحمن.
أشار طه إلى أن الخوارزميات هي عصب العمليات الحوسبية والرياضية، وتشكّل مناطق التفكير وآلياته ومنهجياته وطرق معالجة تحديات ومشاكل يواجهها الإنسان، ويعود تاريخها إلى ألف وستمئة سنة قبل الميلاد، وهي اليوم عبارة عن برمجيات يتمّ بناؤها من أجل التعامل مع مدخلات كثيرة جداً من البيانات ومن ثمّ تحاول أن تعطي نتائج وتشكّل أفهاماً معينة، وهي اليوم الطريقة الوحيدة للتعامل مع المحتوى الرقمي ببياناته الضخمة.
وأوضح بأن هناك تحديين كبيرين يواجهان وسائط التواصل الاجتماعي اليوم يتمثلان بخطاب الكراهية والتضليل الإعلامي وثمة اقتراحات حلول لمكافحتهما، ويتأتي ذلك من خلال طريقتين، الأولى بتعليم الآلات من قبل البشر، وصولاً إلى المرحلة الثانية التي تعلّم الآلة نفسها بنفسها وفق ما تعلّمته مسبقاً، لذلك فإن أسباب المشكلة ليست تقنية بحتة، إنما تنتج عن مجموعة المعارف التي تُغذّى من خلالها الآلات، وفي ما يخصّ الحالة الفلسطينية هناك حوالي مئة واثنتين وعشرين منظّمة صهيونية تمتلك جيشاً إلكترونياً يتابع المحتوى الرقمي قام بتقديم سبعمئة وخمسين شكوى مؤخراً ضدّ المحتوى الفلسطيني والعربي من أجل الضغط على إدارة "فيسبوك" من أجل إعدام كلمات مثل "الأقصى" و"شهيد" و"يحيى" التي يتداولها مستخدموه، وبذلك أصبح تعريف خطاب الكراهية وفق الرواية الصهيونية، مقابل ضعف المشاركة العربية في التأثير وممارسة الضغط لنقضها.
تحدث المشاركون حول وسائل تفنيد الرواية الصهيونية التي تهيمن على وسائل التواصل الاجتماعي
ونبّه إلى أن مواجهة هذين التحديين تكمن في التقدم بخطاب تفهمه إدارة "فيسبوك" يقوم على لغة علمية معرفية قانونية تجمع الخبرات والطاقات العربية من شأنها إثبات انحياز "فيسبوك" للرواية الصهيونية، وبموازاة ذلك يجب إطلاق حملة توعوية حقيقية لتجنّب خطاب الكراهية التي تدعو للقتل على أساس الدين أو العرق من قبل المستخدمين العرب، مع الإشارة إلى أن هذه المواجهة لا تحتاج فقط إلى مبرمجين ومتخصصين في الذكاء الصناعي، بل تتطلب خبرات قانونية ولغوية وفلسفية وسوسيولوجية.
أما أبو خيط، فتناول واقع الحوارات على منصة "كلوب هاوس" التي تتضمّن جانباً خطيراً يتعلّق بالمشاركة الكثيفة لناشطين عرب يتبنون خطاب التطبيع مع "إسرائيل" من خلال عمل منظّم تدعمه أجهزة أمنية عربية، وهناك مواجهة واسعة لهذا الخطاب في محاولة لتعريته وتفكيكه بالاستفادة من الشعور المتعاظم لدى الجمهور العربي في التضامن مع القضية الفلسطينية، مبيّناً أن ذلك يحتاج إلى فتح غرف توعوية تثقيفية على المنصة غير تصادمية، وتشكيل حملات مقاومة إلكترونية من أجل كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي وفضح انتهاكاته، والتصدي للرواية الصهيونية بأشكالها وتفنيد مزاعمها وزيفها.
بدوره، قدّم الشريف تعريفاً بحملة "فيسبوك يعدمها" التي شارك في تأسيسها مع عدد من الناشطين في بداية الشهر الجاري، وهي حملة جامعة شعبية غير سياسية، لكنها نوعية بمعنى أنها تصدّر خبراء من العالم العربي في الذكاء الصناعي والمتخصّصين في المجال الحقوقي والاجتماعي، وناشطين في التواصل الاجتماعي، بهدف مخاطبة إدارة "فيسبوك" ووضع برنامج عمل معها ليطي يقوّم سلوكه تجاه المحتوى الرقمي العربي.
ولفت إلى وجود ثلاثمئة ألف عربي في هذه الحملة، وتشكّلت محطّة لاستقبال شكاوى الإعدام الرقمي، الذي نحتت الحملة مصطلحه باللغتين العربية والإنكليزية، وتوثيقه في عشرة أشكال رئيسة، موضحاً أن أنظمة "فيسبوك" لا تمتلك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المناسبة للغة العربية بكل ما تستدعيه من ثقافة ودلالات، إلى جانب صمت مجلس الإشراف على "فيسبوك" عن الإعدامات الرقمية طوال الأحداث الجارية في حيّ الشيخ جرّاح.