اشتياقاً لموهبة أحمد زكي

+ الخط -

نجحت السينما المصرية، بين منتصف سبعينيات ونهاية ثمانينيات القرن الماضي، في ملامسة المُشاهد العربي بالتعبير عن همومه وطموحاته، وما كان ذلك ليتمّ لولا وجود عدد من الوجوه التي نقلت كل ذلك في مادة فنية محبّبة، ومنهم أحمد زكي الذي مرّت ذكرى ميلاده يوم أمس.

كان الفتى الأسمر، وعلى عكس معظم النجوم، قريباً من ملامح مواطنٍ عربيٍ عاديّ، بل يمكن القول إنه من أبرز من جسّد أدوار الشخصيات البعيدة عن النخبوية، ذلك ما نراه في المجنّد الريفي في فيلم "البريء" (1986)، أو الشاب الذي يجد صعوبة في تأمين زواجه في "الحب تحت هضبة الهرم" (1986)، وحلاق النساء الذي ينافس رجل أعمال على امرأة في فيلم "موعد على العشاء" (1981)، أو دوره الطريف في "البيه البواب" (1987).

لم يطمئن أحمد زكي إلى نجاحاته في مثل هذه الأدوار، فكان يذهب إلى شخصيات ضمن مناخات أخرى، مثل الفنان المتمرّد في فيلم "البداية" (1986)، وأستاذ الفلسفة الذي يتحوّل إلى عرّاف في "البيضة والحجر" (1983)، والضابط المتغطرس في "زوجة رجل مهم" (1988)، والشاب المثقف الذي تنهار أمامه منظومة القيم في "درب الهوى" (1983)، ويظلّ دوره الأكثر تعقيداً حين جسّد ضابطاً ينتحل شخصية تاجر مخدّرات ويضطر لمواصلة حياته على هذا النحو في "أرض الخوف" (1999). وضمن هذه الفئة من الأدوار يمكن أن نضع أيضاً أدواره التاريخية، من طه حسين في عام 1979، إلى عبد الحليم حافظ في أيامه الأخيرة "حليم" في 2006، مروراً بجمال عبد الناصر وأنور السادات.

ضمن هذا الطيف الموسوعي من الشخصيات التي أدّاها أحمد زكي، لا تزال مشاهد كثيرة تحفر في الضمير العربي بفضل ذلك العمق وذلك الصدق الذي أدرجه الفنان المصري في صنعته. هناك مشهد يكثّف كل هذا المشوار الإبداعي حين كانت كاميرا عاطف الطيّب في فيلم "ضد الحكومة" تصوّر المرافعة التي يقول فيها المحامي بصوت أحمد زكي: "كلنا فاسدون.. كلنا فاسدون.. لا أستثنى أحداً.. حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة...".

قد يعجبك أيضاً
الصورة
تظاهرة في واشنطن مع مرور 300 يوم من الإبادة الجماعية في غزة
الشريط الإخباري

فيديو