كلّما خلا البيت من سكّانه

20 مارس 2015
"جلال الدين الرومي"، محمد رشنازار (إيران)
+ الخط -

"غربال الروح" كتاب جديد للشاعر الليبي، عاشور الطويبي، صدر حديثاً عن "دار الجمل"، ويضمّ مختارات من غزليات ورباعيات الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي.

في حديث لـ"العربي الجديد"، يقول الطويبي: "الاقتراب من أعمال الرومي لا يتأتى إلا من خلال التجهيز بعدّة الرومي: قلب كبير يخفق بنبض الأرض والسماء، سكينة الروح الظامئة، لسان يلهج بكل اللغات، خطوات تقطع مسافات طويلة وكأن الأقدام لم تقف ولم تمشِ، نغمات ناي تأتي من كلّ شيء ولا تقف على شيء، عشقٌ لا أول له ولا آخر.. وعموماً، لي تجربة سابقة في ترجمة الرومي من خلال كتابي "مختارات من ديوان شمس تبريز لمولانا جلال الدين الرومي".

ويضيف الطويبي موضحاً علاقته الإبداعية بصاحب "المثنوي": "كان أول لقاء لي مع الرومي بداية سبعينيات القرن الماضي، في بيت الدكتور عبد السلام كفافي الذي أنجز ترجمة جميلة لجزأين من أجزاء "المثنوي". ثم التقيت بالعديد من رجالات الصوفية والشعراء من أجناس وبلدان مختلفة. وحده الرومي لم يكن بعيداً عني ولا قريباً مني، أعود إليه كلّما خلا البيت من سكانه".

وعن المدة التي استغرقها في نقل هذه النصوص إلى العربية، وعن أي لغة تمت الترجمة، يقول: "أخذت هذه الترجمة سنوات من العمل والتنقيح والاستمتاع بهذه الروح الجميلة الخالدة لشاعر كبير وراقص في ملكوت العشق والجمال. أما الترجمة فعن الإنجليزية، بمطابقة العديد من الترجمات".

وعن التقنية التي اتّبعها في ترجمة رباعيات الرومي وغزلياته، وعن اختياره عنوان الكتاب، يقول: "عنوان الكتاب، "غربال الروح" مني. وآه ما أقسى غربال الروح!

أما عن الطريقة التي اتّبعتها في الترجمة، فلم ألتزم الشكل المعروف للغزلية أو الرباعية في الشعر الفارسي، بل تركت للنص أن يختار شكله وروحه في ثوبه العربي".

ولإعطائنا فكرة عن النتيجة، يقرأ الطويبي بمتعة لافتة هذا المقطع لنا:

"من ضوء الشمعة يبني العثُّ بيتاً.
هكذا يحيا القلب والروح معاً.
أحدُهما صيّادً أُسُود، الآخرُ سكّير.
أحدُهما صاحٍ وصافٍ، الآخرُ مجنونٌ ووحيدٌ".

يعيش عاشور الطويبي حالياً في ضيافة إحدى الدور الأدبية بالنرويج، بعد أن قُصف بيته وأُحرق على يد المسلحين المتحاربين قرب طرابلس، الذين نهبوا محتوياته من كتب وإسطوانات موسيقية ولوحات تشكيلية، كان الشاعر قد جمعها خلال أربعين سنة، ما أجبره على العيش في كوخ على شاطئ صبراته (مدينة فينيقية قديمة) أكثر من أربعة أشهر.

المساهمون