هذه المنطقة ليست مقبرة

25 أكتوبر 2019
+ الخط -
(ثورة لا حراك) 
ما يحصل في لبنان هو ثورة، ويجب رفض أيّ مصطلحات أخرى مثل "حراك" و"احتجاجات". انهيار مقولة الطائفية كمصير أبديّ للبلد، وانتشار الثورة في مناطق لا تقتصر بلون طائفي واحد، والحضور الفاعل جداً للنساء والشباب، يؤكد جديّة الغضب. وهي ثورة جذريّة أيضاً، لأن الخط الأحمر السياسي في البلد، طاقة الهالة المقدسة، أي حزب الله وأمينه، قد تمّ تجاوزه أيضاً. حزب الله تحوّل في الثورة اللبنانية، من حزب مقدّس فوق السياسة ومتعالٍ عن الواقع المحليّ، إلى جزء دنيوي من البنية القائمة، وأُدرِج أمينه في قائمة المشتومين. والثورة اللبنانيّة ليست مطلبيّة خدميّة، كما يجري تسويقها، بل هي تستهدف بنية نظام الدولة الطائفي، لذلك، فهي ثورة سياسيّة بامتياز. إذا نجحت الثورة اللبنانية، سيتحسن وضع السوريين حتماً، وستعطي روحاً إيجابية لكل شعوب المنطقة المنكوبة. كذلك سيتأكّد استحالة الجمع بين الديمقراطية البرلمانية التمثيلية والمحاصصة الطائفية، واحتقار هذا النموذج كطريقة حكم.
ثمّة إنسان لبناني تشكّل، من المستحيل أن يعود إلى لحظة قبل 18 أكتوبر.


(لا استقرار دون كرامة) 
ثورة شعبيّة في لبنان، وثورة شعبيّة في العراق، وتحوُّل اجتماعي وسياسي في السودان، ووضع يغلي في مصر. رغم كلّ محاولات الدول الغربيّة والإدارات الأميركيّة فرض إيديولوجيا الاستقرار التافهة على المنطقة، إيديولوجيا الاستقرار والأمن والسكون والهدوء ومحاربة التطرف، المفروضة بـ"الصرماية" من محمد بن سلمان وبشار الأسد والسيسي وعصابة دمويّة فاسدة في لبنان، إلا أنَّ هذه الرؤية أثبتت فشلها.

الاستقرار دون كرامة إنسانية وعدالة اجتماعيَّة، يُفرَض فقط على المقابر… وما يحصل دليل على أنَّ هذه المنطقة ليست فقط مقبرة!
دارا عبدالله
دارا عبدالله
كاتب سوري يقيم في العاصمة الألمانيّة برلين، من مواليد مدينة القامشلي عام 1990. له كتابان: "الوحدة تدلل ضحاياها" (صادر عام 2013) و"إكثار القليل" (صادر عام 2015). يدرس في كليّة الفلسفة والدراسات الثقافيّة في جامعة "هومبولدت" في برلين. من أسرة "العربي الجديد" ومحرّر في قسم المدوّنات وموقع "ضفة ثالثة".