عن مهزلة البغدادي
فوزٌ كبير حققه الغرب على "الإرهاب"، وهذه العمليَّة ستؤدّي إلى مزيد من الأمن والأمان والاستقرار والتنمية والديمقراطيّة في المنطقة.
50 دولة تلاحق منذ سنوات رجلاً متزوّجاً بثلاث نساء، كان لاجئًا سياسياً مُندمجاً في المنطقة التركية الآمنة. على يمين المرحوم كان "نبع السلام" وعلى يساره "هيئة تحرير الشام". وقام الجنود الأميركان الأبطال (طبعًا بالمشاركة مع الرئيس الرائع أردوغان والشعب الكردي الرائع على قولة ترامب)، بإنزالٍ في قريةٍ سورية نسمع باسمها لأوّل مرّة.
أدخلت جثّة البغدادي اسم تلك القرية إلى التاريخ، ولنرَ كيف سيلفظ المسؤولون الأميركيون اسمها. زعماء القاعدة يضحّون بدمائهم فجأةً للرؤساء الأميركيين قبيل انتخاباتهم.
أخرجوا مظاهراتٍ في باريس ولندن ونيويورك، احتفالاً بهذا الانتصار الكبير. مات الرجل الذي غيّر كل تحالفات المنطقة، وحوّل "الربيع العربي" إلى "محاربة إرهاب"، مات من أدّى إلى حوالي عشرات آلاف الغارات الجويَّة، من قوّات تحالف غربيَّة، دمّرت المدن، وقتلت المدنيين في ملاجئهم.
قُتل البغدادي والناس الذين يقمعون باسمه من الجميع، هم الآن في الساحات في العراق ولبنان. رغم أنَّ البغدادي قَتل من أهل المنطقة أضعاف أضعاف أضعاف ما قتل من أهالي مانشستر أو نيويورك، إلا أنَّ أهالي المنطقة أنفسهم، في العراق وسورية ولبنان، لم يتفاعلوا مع هذا الخبر مثل ترامب، ولم ينتشروا في الساحات فرحًا بمقتل البغدادي. بل يعرف الجميع بغريزة العدالة البسيطة، وبدم خبرة التاريخ، بأنَّ المشكلة ليست بالبغدادي أوّلاً، بل من يهيّئ الشروط الموضوعية والنفسية والسياسيّة على تشكّل وصعود أمثال البغدادي.
مقتل البغدادي، هو انتصارٌ للنظام السياسي العالمي، ويوم حزين لعشّاق السبي وقطع الرؤوس. وهو خبر ليس ذا أهميّة لدى الملايين من الناس الذين يعرفون من هو البغدادي الحقيقي.