مهسا أميني توحّد العالم

11 نوفمبر 2022
+ الخط -

زعماء العالم الآن يتحملون عبئاً لا يُحسَدون عليه، ولعلّ هذا الحراك العالمي، سيجعلهم يسألون الأسئلة المناسبة ويجيبون عنها بشكل حاسم، أسئلة مثل: لماذا تُستبعَد النساء بدرجة كبيرة من عملية صنع القرار المجدية في حين أنّ مشاركتهن تفيد المجتمع؟ وكيف يمكننا أن نوقف موجة اللامساواة المتزايدة التي تهدّد استقرار الأمم؟ وبينما يزداد الاعتراف بالمساواة بين المرأة والرجل، لماذا لا تزال العقبات قائمة وتعرقل التعبير عنها في كلّ بُعد من أبعاد الحياة؟

إنها خصلة شعر، تلك التي أشعلت فتيل الغضب وأيقظت الغضب الذي كان يستعر، لإعلان الرفض لما هو سائد في جمهورية إيران الإسلامية. هذه الخصلة لمهسا أميني، حرّكت مشاعر الملايين الذين خرجوا من جميع الأجناس والأعمار، ومن مختلف بلدان العالم، للمطالبة بالكرامة الإنسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

وبالرغم من تحقيق تقدّم كبير في مجال الوصول إلى التعليم وخلق البيئات اللازمة التي تمكّن المرأة من الازدهار جنبًا إلى جنب مع الرجل، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي إنجازه. لايزال الظلم المنهجي والهيكلي يقمع إمكانات المرأة، ويُغرِق البشرية في أزمة تلو الأخرى. وإلى أن يتم استئصال هذه الفوارق من نسيج المجتمع بالكامل، فإنّ البشرية ستظلّ في حالة عدم التوازن التي أصبحت تَحدّ الكثير من جوانب الحياة.  ولهذا، وفي ظلّ زخم التضامن العالمي مع حراك مهسا أميني، رأينا النشطاء من جميع بلدان العالم، يحاولون تسليط الضوء على الوضع الحقوقي والتشريعي للمرأة في بعض البلدان، وإطلاق دعوات لضرورة تعزيز حقوقها وإنهاء التشريعات المجحفة ضدها وإنهاء جرائم العنف بحقها.

لايزال الظلم المنهجي والهيكلي يقمع إمكانات المرأة، ويُغرِق البشرية في أزمة تلو الأخرى

إنّ ما أدّى إلى معاناة البشرية منذ فترة طويلة هو الإستخفاف بالاهتمام والقيم التي يمكن للمرأة أن تضيفها للمجتمع. وهنا، يمكن تشبيه البشرية بطائرٍ ذي جناحين، الرجل والمرأة، كلاهما عانى من أجل الطيران، لأنّ جناح المرأة قد تمّ كبحه لفترةٍ طويلة. من يستطيع أن يتصوّر تمامًا الأوج الذي ستصل إليه البشرية عندما يكون كلا الجناحين متعاونين وقويين، وعندما يتمّ إشراك النساء في عمليات صنع القرار وتشجيع الأبناء على رعاية الأسرة بما يؤدّي إلى تطوير شخصياتهم. 

إنّ تضامن السياسيات والبرلمانيات والممثلات العالميات مع المحتجين والمحتجات على وفاة الشابة الإيرانية، وذلك عبر قيامهن بقصّ خصلات شعرهن، ما هو إلا رسالة للعالم أجمع، عن تضامن الموقف الإنساني وإثبات لمواقفهن من أجل الحرية.

والآن، وبعد شهرين تقريباً، على مقتل مهسا أميني، إنّها المرّة الأولى التي يتحد فيها الكثير من الناس بغضّ النظر عن معتقداتهم السياسية أو الدينية أو انتماءاتهم العرقية أو القومية، للمطالبة برفع الظلم عن المرأة تحديداً، والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لجميع البشرية، وهذا بحدّ ذاته شيء مثير للإعجاب.

68A247F7-2E17-41D0-936C-12D2B63A726B
تهاني روحي

صحافية وكاتبة ومحاضرة في حقوق الإنسان والتغيير الاجتماعي والإعلام والمسؤولية الاجتماعية وحوارات الأديان. وطيلة 25 عاما من خبرتها، تناولت القضايا الاجتماعية المتعلقة بحقوق الأقليات واللاجئين وقضايا النوع الاجتماعي. وهي منخرطة أيضا في رفع مستوى الوعي في الحوار مع الآخر المختلف، والعمل الاجتماعي.