ملف العنصرية: الميسوجينية أو رهاب النساء (11)
يعنى مصطلح ميسوجيني Misogyny كراهية واحتقار النساء والفتيات أو ازدراء النساء، وذلك فقط لكونهن إناثاً أو نساء، فهي كراهية متأسّسة على أصل جنسي. الميسوجينية إذاً، هي جزء من العنصرية الجنسية ومكوّن أساسي في اضطهاد واحتقار النساء، وتبدأ من العنف اللفظي، أو حتى النظرة المحدّقة بغرض امتلاك النساء أو تشييئهن، وصولاً إلى الاغتصاب والقتل، مروراً بالاستبعاد والتهميش والنبذ والرفض. والمصطلح له أصل يوناني، ربما باعتبار اليونان هي أرض الميسوجينية التاريخية، فكراهية النساء تقليد راسخ في اليونان القديمة. فسقراط وأفلاطون وأرسطو كانوا كارهين للنساء. وفي أكثر من موضع، ذكر أرسطو أنّ شجاعة الرجل تتأتّى من إعطاء الأوامر، بينما المرأة في الطاعة والاستجابة، للمرأة أسنان أقل من الرجل، المرأة رجل غير مكتمل أو فيه تشويه... (نلاحظ هنا نفس رؤية سيغموند فرويد مؤسس ومخترع التحليل النفسي). وفي كتاب "الجمهورية" لأفلاطون، نرى في أكثر من موضع كراهية شديدة للنساء.
الميسوجينية تظهر بوضوح في اليهودية والمسيحية والإسلام، فبالعودة إلى الحكاية الأساسية للخلق، فحواء هي أصل السقوط والشرور، وهي خُلقت من ضلع آدم، ومن أجل خدمته وراحته، وهي أيضاً الغواية والسقوط. وفى المسيحية، نجد في كتابات الآباء المؤسسين للتقليد المسيحي، أنهم كارهون بشدّة للنساء، وكارهون للزواج، والحالة الفضلى للرجل هي الرهبنة. بولس الرسول كتب أنه يريد من الجميع أن يكونوا مثله، أي أن يعيشوا بلا زواج، ولكن وُضع الزواج وشُرّع من أجل الحفاظ على البقاء.
تظهر الميسوجينية في دعوة المرأة للعودة إلى المنزل بوصفه مكانها الطبيعي أو مملكتها، ونرى في التحرّش اليومي، سواء في الفضاء العام أو الخاص أو الافتراضي، وفي خطب بعض رجال الدين، بأنّ النساء هنّ سبب البلاء والغلاء، وهنّ مصدر الشرور على الأرض. الميسوجينية أيضاً تتجلّى في تشويه الأعضاء التناسلية للنساء، وذلك للخوف من النساء وللحفاظ على الشرف الذكوري.
تظهر الميسوجينية في دعوة المرأة للعودة إلى المنزل بوصفه مكانها الطبيعي أو مملكتها، ونراها في التحرّش اليومي، سواء في الفضاء العام أو الخاص أو الافتراضي
الميسوجينية لا تعنى كراهية النساء بمعنى النفور منهن جنسياً، بل تعني النظرة إلى النساء بوصفهن موضوعاً جنسياً وفقط، هن قابلات للامتلاك الذكوري في السرير، فالنساء خُلقن من أجل متعة الرجل، والنساء مجرّد أدوات للمتعة الجنسية وأدوات للإنجاب.
من الأمثلة البارزة لرجال ميسوجينيين، أي كارهين للنساء: شوبنهاور، نيتشه، كانط، هيغل، جان جاك روسو، عباس العقاد، مصطفى محمود... إلخ.
شوبنهاور: "حيوان بشعر طويل وأفكار قصيرة".
نيتشه: "لا تدخل على المرأة إلا ومعك السوط".
كانط: "النساء قادرات على التعلّم، ولكنهن لسن مخلوقات لنشاطات تتطلب قدرة شاملة، كالعلوم المتقدمة، أو الفلسفة أو بعض أنواع الإنتاج الفني".
العقاد: "فالرجل بطبيعته أقوى، والله قد خلق الكون لحكمة، فالقوي يغلب الضعيف، والمرأة مسخرّة لخدمة الرجل، لأنه متميز عنها وبإمكانه أن يستغلها ولا لوم عليه".
أنيس منصور: "المرأة حيوان مخيف".
الميسوجينية لا تتعلّق فقط بالرجال الذين يكرهون النساء، ولكن أيضاً بكراهية النساء للنساء، وهي أشدّ تعقيدًا من كراهية الرجال للنساء
أبو حامد الغزالي: "اعلم أنّ النساء على عشرة أصناف، وكلّ صفة تشبه بعض الحيوانات، فواحدة كخنزيرة والثانية كالقردة والثالثة كالكلب والرابعة كالحيَّة والخامسة كالبغلة والسادسة كالعقرب والسابعة كالفأرة والثامنة كالطير والتاسعة كالثعلب والعاشرة كالغنمة".
الميسوجينية لا تتعلّق فقط بالرجال الذين يكرهون النساء، ولكن أيضاً بكراهية النساء للنساء، وهي أشدّ تعقيداً من كراهية الرجال للنساء، لأنّ حالة الاستبطان هذه تعني سلطة ذكورية مضاعفة. فعندما تسيطر قيم الذكورية والأبوية على النساء، وترى النساء أنفسهن في مرتبة أدنى أو أضعف من الرجل، أو يمارسن مع النساء نفس ممارسات الذكورة، الغيرة والتنافس والعداء والتشويه... إلخ، فهذا يعزّز أكثر من سيادة الذكورية في المجتمع، ما يفضي إلى كراهية النساء لأنفسهن، فقط لمجرد كونهن إناثاً.