معجزة
معجزة
كل الفراشات الخرساء التي تحوم حول مذياع الحارس العجوز قبالة الحدائق الوحشية، قريباً جداً من آلهة الشرفات الجريحة.
كل الموتى في رسائل الهذيان الطويل
وكل الحرائق وثرثرة الغربان في شارع ربما يختفي بعد قليل
كل الأسرار التي تهرب إلى فردوس العذابات الباردة.
كل الكلمات التي تلمع خلف التلال الغارقة في حمى الأبدية،
هي معجزة.
كل المناديل والزفرات والنجوم والذكريات الشاحبة..
كل الودائع التي سقطت سهواً من شاحنة التهريب الصدئة، المبللة بأنفاس الجنود الثملين من الانتظار، المنتحرين عنوة في ارتعاشة الظهيرة..
وساوس الشتاء
أنا الأبدية
يقول الشتاء المريض
وأنت ظلي الأخير
لن نلتقي أبداً
الجثث
تتساقط خلفك
ويدك ممدودة
مثل نهر في خلاء
اسهر قليلاً رفقة الحنين
وانظر ملياً إلى الغيوم الوديعة
ولا تدع طحالب العدم
تطل من قدميك
لا ثرثرة تدفئ سريرك البردان
ولا حكاية بحجم السماء
ولا وردة باللون المستحيل
يقول الشتاء المريض
علم صغير ممزق
أصوات نساء المسلسل التركي
تتطاير من النافذة
وتحط فوق كلب لاهث
باعة الخردة والمتلاشيات
يقهقهون أسفل الشقة المنهارة
والعلم الوطني يرفرف ممزقاً
فوق المستوصف الصغير المهمل
في الشقة على ركن الشارع
المغبر بأحلام القادمين
من تلال الفجيعة
تماماً،
فوق دكان التبغ
ترمي سيدة الحلاقة
بعقب سيجارتها
وتلقي بجسدها البدين
في السيارة الرمادية
الرجل العجوز
يحتضر منذ ثلاثة قرون
شاب يرمي بروحه
في متاهة الزمن اللامرئي
ويعود إلى بطن أمه
سالماً
إلا من نظرات امرأة
تختبئ مثل قط سود
في علبة تبغ رمادية..