مشاوير من العام الفائت
أغنية
يغني جورج وسوف:
الزمن مبقاش حبيبنا
والسنين قالت تعبنا والليالي الحلوة عدت أيوة عدت
عرفت الأيام تصيبنا
يد الزمن الثقيلة
يد الزمن ثقيلة وخطواته بطيئة حينما يجب ألا تكون كذلك، لا تأبه للنائمين في الشارع ولا للمختفين في الأقبية، ولا للاجئين والمنفيين، يده القذرة تفتش أطعمة المسجونين حتى تعافه النفس بحثاً عن رسائل مخبأة، وتسرق أرغفة الخبز من الفقراء وتهددهم بالعطش، يد الزمن غليظة تضرب ولا تعطي، يد الزمن قاسية حينما غيبت والدي صديقي في أسبوع واحد دون أن يريا حفيدهما.
البيت الأخير
زلت قدمي وأنا أهبط آخر درجة من السلم وسقطت محملاً بحقائبي التي تبعثرت، وشردت بخيالي بأن هذا السقوط يصلح كمشهد درامي لبطل في ملحمة يعود في نهايته ليطرق الباب وهو غارق في دمائه، ولكن في الحقيقة كان الأمر كله مثيرا للسخرية لتفاهته، أفقت من شرودي وأنا أفتح باب سيارة الأجرة التي ستقلني دون أن أعود لالتقط ما سقط مني، وكانت في الخلفية أغنية لأم كلثوم.
أتلفت كثيرا ولا يصل المتلفت أبدا، يمنعه الخوف من الرؤية الواضحة
التجربة
التجربة دور من أدوار البطولة تمنحها لك الحياة، وبانتهائها تصبح شخصا عاديا يحمل لقب بطل سابق، وتصبح ذكرياتك ليست ملكًا لك وحدك، يقاسمك فيها آخرون متسلطون يريدونك أن تنسى حكايتك وما عشته أنت، ما يشكلك، ولأنهم قليلو الفهم ومحدودو الأفق والخيال يتصورون بأنهم محور الكون، بأن كل الأشياء تبدأ وتنتهي بكبسة زر، لا يستوعبون أن الحياة لا تدور في فلك أحد منا، لا يدركون بأن وجودهم مثل وجودك، قد تكون مجرد لحظات عابرة في الخيال أو دائمة وحقيقية في قلبك، أو قد تكون أوهاما تصلح لنسج قصص الحب وكتابة اليوميات.
هناك من يحبون سماع حكاياتك على أية حال دون أن تكون مضطرًا للصراخ فيهم، ودون أن يعلو صوتك. من الممكن أن نلوم ضيقي الأفق ونشرح لهم ما وراء أفكارنا أو نتجاهلهم ولا نتوقف أمامهم، فبطبيعة الحال ليس كل البشر يمتلكون خيال شعراء يبحثون عن أفكار تصلح لكتابة قصائدهم.
الوقت الضائع
كم من الوقت مر علي وأنا في هذه الغرفة؟ أجد صعوبة في تذكر تواريخ الأحداث، كل حدث هو منذ زمن بعيد، قبل أو بعد الثورة، ما أهمية الوقت؟ ما أهمية أي شيء؟ أجد صعوبة كبيرة في التعلم والاندماج، لا شيء مميزا حتى مباريات الكرة مملة عدا أن ينتصر فريقك، ماذا عن الكلام في السياسة؟
بمرور الوقت تفقد الأشياء معناها، لا يهم إن كانت مادية أو روحية، يرحل الأصدقاء فلا يتبقى لنفسك شيء. كم مشيت في هذا الطريق؟ مشيت ببطء وركضت وركبت الدراجة انتظرت صدفة انتظرت وهما، أتلفت كثيرا ولا يصل المتلفت أبدا، يمنعه الخوف من الرؤية الواضحة، لكن في نهاية اليوم عندما يأتي وقت النوم أنام وغدا يوم جديد مليء باحتملات لا نهائية لمشاوير للعام القادم.
قصيدة
إلى مغنية ما
تقبلي، الآن، هذه الهدية
كنت محتفظا بها لبطل، أو خطيب، أو قائد
لمن يخدم القضية الطيبة الأولى
الفكرة العظيمة
تقدم البشرية وحريتها.
كنت محتفظا بها
لشجاع يواجه الطغاة
لمتمرد باسل
ولكني أرى أن ما كنت أحتفظ به
يعود إليك
كما يعود لأي منهم.
الشاعر الأميركي "والت ويتمان"، ترجمة "سعدي يوسف".