محمد صلاح.... السكوت من ذهب؟
خلّفت عملية طوفان الأقصى ردود فعل واسعة في العالم، والوطن العربي على وجه التحديد. تناول الرأي العام العربي العملية من زوايا عدة، تتفاوت بين العملية ذاتها والإعداد لها، مروراً بتبعاتها على المنطقة العربية والعالم. وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، سجالاً بين ما فعله اللاعبون العرب بأوروبا، وبين المأمول منهم.
تفاوت تضامن النجوم، بين التلميح بوضع علم فلسطين، على حساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، وبين التصريح علناً بدعم القضية الفلسطينية. لكن الحدث الأبرز، والذي حاز نصيب الأسد، كان صمت النجم المصري محمد صلاح، لاعب نادي ليفربول الإنكليزي.
مدججاً بالألقاب الفردية والجماعية، يجلس محمد صلاح في ركن قصيٍّ، يمايز بينه وبين نظرائه العرب. وبجانب الأضواء والاهتمام اللذين يستحقهما بفضل الاستمرارية والأداء المتميز؛ فقد باتت حياة صلاح الشخصية، وعلى الدوام، تحت مجهر الجمهور العربي.
هذه القيمة الرياضية، والتي يتلازم معها تأثير كبير على الرأي العام، جعلت من صمته خيبة أمل كبيرة للجمهور العربي، وتركته أمام أصوات الانتقاد وسهام السخرية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يجد صلاح نفسه أمام نيران الانتقاد. فقد تركت تعزيته في ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث الثانية، في العام الماضي، انطباعاً سلبياً لدى المصريين. فقد ارتبط اسمها في مخيلة المصريين، بالعدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا، عام 1956، رفقة فرنسا وإسرائيل على مصر. ومن المفارقات أن جمهور مدينة ليفربول، المدينة التي يلعب صلاح لأحد أنديتها، تناصب العائلة المالكة والحكومة البريطانية العداء. يشارك صلاح احتفاله بمعية أسرته بعيد الميلاد المجيد بالتقويم الغربي في الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول من كل عام، بينما يتجاهل تهنئة الطوائف الشرقية بأعياد الميلاد، وكذلك أعياد المسلمين؛ رسخ في ذهن الناس اغتراب صلاح عن أصوله وموطنه.
قد صب الصمت عن عملية طوفان الأقصى، وما أعقبه من فظائع بحق الفلسطينيين مزيداً من الزيت على نار الاتهامات التي تلاحق الفرعون المصري في حله وترحاله
وقد صب الصمت عن عملية طوفان الأقصى، وما أعقبه من فظائع بحق الفلسطينيين مزيداً من الزيت على نار الاتهامات التي تلاحق الفرعون المصري في حله وترحاله. لكن محمد صلاح سبق أن كان في صفوف الداعمين للقضية الفلسطينية، عندما رفض مصافحة لاعبي فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي، في الدوري التمهيدي المؤهل لدوري أبطال أوروبا موسم 2013/2014. كان هذا صلاح الشاب، لاعب بازل السويسري، لكن ما الذي أصاب صلاح النجم العربي الأبرز، وهداف نادي ليفربول الانكليزي؟
وقع محمد صلاح في عام 2020، عقد رعاية مع الشركة الألمانية للمعدات الرياضية "أديداس"، لمدة عشرة أعوام يحصل بموجبه على أكثر من مليوني دولار سنوياً لمدة عشرة أعوام حسب تقارير صحافية. في المقابل يرتدي صلاح منتجات الشركة، من أحذية وأزياء رياضية. تحمل هذه العقود الموقعة بين اللاعبين والشركات، بنوداً تخول للشركات إنهاء عقود الرعاية إذا ما أخل اللاعب بقيم ومبادئ هذه الشركات، أو قام بفعل يؤثر سلباً في سمعة الشركة، و بالتالي قيمتها السوقية.
على سبيل المثال، قامت شركة نايكي الأميركية، في فبراير من العام الماضي، بإنهاء عقدها مع اللاعب الإنكليزي الشاب ميسون غرينوود، بعد القبض عليه في ذمة قضية اعتداء واغتصاب. وفي ذات الشهر، وبعد إدانة الجمعية الملكية للرفق بالحيوان الفرنسي كورت زوما، ، بإساءة معاملة قطة، انسحبت شركة أديداس من رعاية لاعب نادي ويستهام الإنكليزي. لكن هذه الأفعال تتنافى مع القيم الإنسانية، فما الذي سيرتكبه صلاح إن أعلن دعمه لفلسطين في هذا الوقت؟
تحت التهمة الفضفاضة، معاداة السامية، والتي تشمل طيفاً واسعاً من الأفعال، تستطيع شركات المعدات الرياضية، والرعاة بشكل عام، إنهاء عقود الرعاية من طرف أحادي. فقد أنهت شركة نايكي، نهاية العام الماضي، علاقاتها بنجم كرة السلة الأميركية كايري ايرفنغ، بعد أن شارك فيلما وثائقيا، يدعي سيطرة اليهود على الإعلام في الولايات المتحدة، ويشكك في مصداقية محرقة الهولوكوست. في عام 2014، وتحت هذه التهمة أيضاً، أنهت شركة زوبلا عقد رعايتها لقمصان فريق ويستبروميتش ألبيون الإنكليزي، بعد أن قام لاعب الفريق، وقتها، نيكولا أنيلكا باحتفالية مثيرة للجدل. فهل وقع صلاح تحت ضغط وتهديد بإنهاء عقود الرعاية إن أظهر دعمه لفلسطين؟