لعنة كرة القدم... حكايات وحكايات
هدَّدَهُ بأن يرميه من المُدرَّجات، كرَجُلٍ من القش، كما حصل في تتر فوازير نيللي، إذا خَسِرَ نادي الطَّلَبَة، أمام نادي الرشيد. ساحةُ المعرَكَة كانت ملعب الشعب، في العاصمة بغداد، بداية تسعينيات القرن المُنصرِم.
كان الفتى لسوءِ حظّه، في الجانب الخطأ من الملعب، جالِساً على مُدرَّجات مُشَجّعيْ الطلبة، مُناشِداً لينور (أحد أسماء كُرة القدم في البرازيل) بأن تغُضَّ النظر عن أنف لاعب كرة القدم العراقي والمدرب عدنان درجال؛ الذي بدا مُسافِراً من زمن الفايكنغ، لتَتَذَكر وسامة قَدَمية في بطولة لوس إنجليس.
دورُ الخاطِبة لنيللي، في الفوازير الرمضاني، الذي أعاد الفتى تجسيدهُ على المُدرَّجات، كان محاولةً شاعريَّة، لإعادة لقطة هدف المنتخب العراقي، في مرمى كوريا الجنوبيَّة سنة 1948. لينور/ الكرة انطلقت كقذيفةٍ، من مدفعيَّة أَرْجُلِ درجال، من مُنتصِف الملعب إلى الشِباك. ولهذا أعتقِدُ أنَّ اختيار درجال، لمنصبِ وزير الشباب والرياضة، طار من لوس أنجليس إلى سيئول، قبل وصولهِ إلى بغداد.
في بلاد السامبا والقهوةِ والسُكَّر، هُزِمَ فريقٌ في كُرةِ القدَم. مُشجِّعُ الفريق المهزوم، لَعَنَ الفائز، بدفنِ ضِفدَع في الملعب. مستوى الفريق الملعون بالضِفدع، كان يقفِزُ نحو الأسفل. الجرَّافات حفرت الملعب، لتعثُر على الضِفدع، ولكي تُمزِّق أقدام اللعنة.
هذهِ الحكاية، واحِدة من عشرات الحكايات؛ التي سجَّلَها الكاتب، فيلكس بيلوس، في كتابه، كرة القدم/ الحياة على الطريقة البرازيلية. لينور/ الكرة في البرازيل، كما شاهدتُها من مُدرَّجات كتاب بيلوس، تُشبِه شجرة موز، تقذِفُكَ من قاع المجتمع إلى قمَّتِه. هي أيضاً تُشبِهُ الكنيسة، قبل مارتن لوثر، لكنها لا تبيعُ صكوك الغفران للآثمين بل للسياسيين.
أزمات المُستديرة لا توجد في ملاعب الدوحة. لهذا اسمحوا لي، ان أدعو جرَّافات العالم، إلى توفير طاقةِ بلدانِها، واستخدام معاولِها للنبشِ في أراضيها المحليَّة!
المكوَّرة، وهي اسمٌ ثاني للينور/ الكرة، الخبيرة بفنون عشق الأقدام والمستطيلات الخُضر، كانت نابليون لصالحِ بريطانيا لا فرنسا، في الحرب العالمية الأولى. دحرجها ضابطٌ أمامه، قبل أن يهجم هو وجنوده، على مواقع الفريق الثاني. إدواردو غاليانو، في كتابه، كرة القدم بين الشمس والظل، ذَكَرَ ذلك. الطريف أنَّ هذا الكاتب الأوروغواياني، كان بيليه ومارادونا معاً، عندما يحلُم. في الواقع كان الاثنين، عندما يُرقِّصُ القَلَم والكَلِمَة، على أنغام السامبا والتانغو.
كتائِبُ حقوق الإنسان، أعداء السَّاميَّة، المدافِعون عن الحُريَّةِ الجنسيَّة، و.. (اختر من شئت)، وجدوا في بطولة كأس العالم؛ التي تستضيفُها الدوحة، فُرصةً للتالي: نريدُ من الدوحة ما لم نجرؤ على طلبِه من العالم.
لا أعتقد أنَّ سقراط برازيليرو؛ اللاعب، الفيلسوف، والكاتب البرازيلي، يستطيعُ أن يشرح لزميلهِ القطري، منصور مفتاح، سِّرَ محاولة إجهاض "تسبيريكا جيرجا" الأوسطي. نُسخة الاسم الأصليَّة، ترجعُ لوالدين، سمَّيا وليدهما بهذا الاسم، تيمناً بأسماء أبرز ستة لاعبين، فازوا ببطولة كأس العالم سنة 1970، لصالح بلدهِما البرازيل. جيرجا العربي، يحاول الجميع سرقة كأسِه عاجِلاً، كما حصل لكأسِ هذهِ البطولة آجِلاً.
أزمات المُستديرة التي باتت كضفدعٍ عملاق، رأسُه في أوكرانيا، وأقدامُه في الشرق الأوسط، لا توجد في ملاعب الدوحة. لهذا اسمحوا لي، ان أدعو جرَّافات العالم، إلى توفير طاقةِ بلدانِها، واستخدام معاولِها للنبشِ في أراضيها المحليَّة.
عندما كانت كتيبة الإعدام، تنتظِرُ الأوامر، لإرسالِ لوركا إلى العالم الآخر، كي لا يُزعِجَ الدكتاتور فرانكو. كان الشاعِرُ ينظرُ إلى القمر ويسأل: أين قَمَريْ؟ لكن النتيجة أنَّ فريق ريال مدريد الفرانكوي، كان غيمةً حجبت قمر لوركا، وأطرشت أُذُنيْ العالم عن سماعِ أزيز الرِصاص؛ الذي عَشِقَ قلب الشاعِر مُرغماً.
فريقُ برشلونة قد يكون، شظيةً من قَمَرِ لوركا، وذنب رِصاصةٍ مجبورة. لهذا فإنَّ عشقَ الملكي والكتالوني، عابِرٌ لجغرافيَّة الرؤوس في الدول، وساكِنٌ على بُعدِ شِغافٍ من القلب، حيثُ المدارات المُستطيلة، لدوران هذين الفريقين، ما عادت تعتمِدُ على رُكنيَّة سياسيَّة يلعبُها فرانكو.
كأسُ العالم في الدوحة، هو من أجل سندريلا كرويَّة، تُبهِجُ جميع من في المعمورة، لا ساحة لتصفية الحسابات الثقافيَّة مع الشرق الأوسط، ولا فوازير صيام العالم عن علاجِ مشاكِله. إنَّها ذلك الفتى الصغير في ملعب الشعب.