حوار مع يسرا عن الحب والموت (2/4)
ـ مين اللي ساعدك على عبور تجربة المرض القاسية؟
طبعاً والدتي بدعاها ورضاها عني، خالاتي، أصحابي، كانوا كل يوم يكلموني في التليفون من مصر، وعندي صاحبات سافروا مخصوص من مصر لفرنسا عشان يفضلوا جنبي في المستشفى ليل نهار، وما كنتش هاجتاز دايرة الخطر من غيرهم.
ـ طيب والسند العاطفي؟
مؤكد مهم، مش دي كلها عاطفة وعطاء وشيء جميل؟
ـ أنا أقصد عاطفي، يعني عاطفي؟
(تضحك) المرة دي مش هندخل في العواطف، عارف ليه؟ لإنك لما بتدي مساحة في الكلام في الموضوع ده بتدي فرصة لبعض الناس عشان يتدخلوا في حياتك بشكل غير لائق وعشان كده قررت إني مش هاتكلم في الموضوع ده.
ـ لكن الصمت في المساحة دي بيزود تدخل الناس بالشائعات والقيل والقال، فيبقى الأحسن الكلام فيه بشكل واضح؟
لا، أنا ما فيش حد في الوسط الفني بيدّي الناس فرصة عشان يتدخلوا في خصوصياته زيي، تعال احسبها على كل المستويات، يعني ما فيش حد زيي تساهل في التفريط في خصوصياته، لإني كنت باحس إن الجمهور من حقه يعرف ده، لكن للأسف في ناس استغلوا المعنى ده بشكل بايخ الفترة اللي فاتت وتدخلوا فيما لا يعنيهم، وبدأت تظهر شائعات بتتعمل وتتغزل حوالين مواقف من حياتك، وعشان كده قررت أبطل كلام عن شئوني العاطفية لإن بعض التدخلات في الفترة الأخيرة خاصة كان ليها ردود فعل سيئة جداً عليّ.
ـ سألتها معانداً بحذر: هل التدخلات دي أثرت على قصة الحب اللي كانت بينك وبين خالد صالح سليم؟
(مبتسمة) برضه مصمم تسأل؟ عموماً ما فيش حاجة تأثرت، لا، أنا بس حسيت إنك لما بتدي بعض الناس أكتر من حقها بيستغلوا الحكاية بشكل غلط.
ـ واصلت السؤال برزالة مشروعة: يعني ما حصلش تأثيرات سلبية في قصة الحب خلتك تختاري الصمت؟
لا، ما فيش حاجة أثرت علينا سلباً، ولو حصل أي شيء جديد بيننا هنعلنه والكل هيعرفه، لكن ما دام ما فيش شيء جديد، يبقى مش هاتكلم فيه.
ـ عايز أسألك عن فكرة الإحساس بإنك أحلام فتاة الملايين، بتتعاملي مع الإحساس ده إزاي؟
بالتأكيد إحساس ممتع بس مخيف في الوقت نفسه، حجم المسؤولية والضغوط والأزمات المرتبطة بيه مرعب.
ـ طيب إيه التغيير اللي عمله الإحساس ده في طريقتك في الحب؟
(تضحك) حبي دلوقتي تغير، بقى أركز وأعقل، طبعاً مش عيب إنك تدلدق مشاعرك لحد لو كان يستحق، هي المشكلة لما تدلدق مشاعرك مع حد لا يستحق، ومع ذلك ما باندمش على ده حتى لو انتهت قصة الحب.
ـ هل لقيتي اللي يستحق دلدقة المشاعر كتير ولا مرة واحدة؟
أيوه، طبعاً لقيت (بعد صمت وابتسامة عريضة) هو دايماً آخر قصة حب بتكون أقوى قصة حب. ومش هاقول حاجة غير كده.
ـ عايز أخلص الكلام في كل الحاجات المزعجة في الأول، عشان تتضايقي مني مرة واحدة، الفترة اللي فاتت اتكتب في أكتر من صحيفة ومجلة كلام إنه يسرا بتحرص على التقرب من نجوم الكوميديا الجدد عشان تفضل موجودة بقوة على الساحة؟
ما قريتش الكلام ده قبل كده، لكن على كل أسأل أي حد منهم وانت تعرفهم كلهم، محمد هنيدي، علاء ولي الدين، أحمد السقا وهم هيقولوا لك، يعني أنا صديقة لعلاء من أيام (الإرهاب والكباب) وصديقة لهنيدي من أيام (اسكندرية كمان وكمان) وصديقة لأحمد السقا من سبع سنين قبل ما يمثل، واشتغلت مع أشرف عبد الباقي أكتر من مرة، أنا باعتبر نفسي أختهم، ولو سألت أي حد منهم عن يسرا أنا عارفة كويس أوي هيقولوا لك إيه عني، ومن ساعة ما عرفتهم وربنا فتح عليهم (تضحك).
لما الواحد بيقرا تفاصيل حياة الفنانين في مصر والعالم، يلاقي إن العدو الأول ليهم أو المشكلة الأكبر هي الاكتئاب وفقدان التوازن اللي ممكن يأدي لفقدان العقل والأعصاب أحيانا
ـ هل توافقي اللي بيقولوا إن نجاحهم هينحسر بسرعة؟
بالعكس، أعتقد أنهم ممكن يستمروا، لكن ده في إيديهم، هما اللي هيقدروا يحددوا ده باختياراتهم وقراراتهم الفنية، لكن أنا متأكدة من موهبتهم.
ـ إيه رأيك في الهجوم اللي شنه عليكي بعض الكتاب الكويتيين الغاضبين من بطولتك لفيلم (العاصفة)؟
فوجئت باللي حصل ده، وكنت وقتها مريضة في باريس، وأعتقد اللي حصل كان سوء فهم انتهى بعد ما الجمهور الكويتي شاف نسخة من الفيلم وعرفوا أننا ما بنبررش غزو الكويت زي ما البعض كتب كذب، يستحيل نعمل ده طبعاً، وعرفوا إن الفيلم بيدين التفكك العربي اللي حصل بسبب الغزو العراقي وبسبب الحرب على العراق، والحقيقة الفيلم لما شفته بعد اكتماله هزني من الأعماق وفخورة بيه وما كنتش متصورة إنه هيخرج بالتميز ده برغم إن مخرجه خالد يوسف بيقدم تجربته الأولى.
ـ الحقيقة أنا باحاول من أول الحوار إني أسألك في حاجات ممكن تعتبريها بديهيات، بس نظراً لإني مش صحفي فني فالحوار ده بالنسبة لي فرصة نادرة إني أحاول فهم حياتك كنجمة ليها كل الحضور ده والجاذبية دي؟
طالما خلصنا كلام عن العاطفة والحب، يبقى اسأل اللي انت عايزه.
ـ يعني من الحاجات اللي باحاول أفهمها بمناسبة الكلام عن الحملات الصحفية اللي فيها هجوم، يعني الواحد فينا لما بيتوجه له كلمة نقد أو تطلع حواليه شائعة بيبقى معرض للجنون من كتر الغضب والتوتر، وحصل قبل كده إني شفتك في كواليس التصوير وفي حفلات، وبتكون في كمية شائعات طالعة عليكي وحملات صحفية، وألاقيكي بتتصرفي بمنتهى الهدوء، ويبان إنك مش متأثرة على الإطلاق بكل الحملات والشائعات، إزاي بتقدري تعملي ده؟
(تضحك) مش عارفة، بس يعني لو هنتكلم عن الإشاعات، ففي منها إشاعات بتقتل نفسها بنفسها لإنها بتكون صغيرة وتافهة زي اللي بيطلعها، لكن في إشاعات بتمسك أوي كبني آدم، ودي لو كنت مضطرة للرد عليها باحاول أرد بشكل غير مباشر وأحياناً بشكل مباشر عشان أوقفها لإني باخاف من إنها تضايق أمي وأهلي وأصحابي، أنا مؤمنة طبعاً إن كل إشاعة بتشبه اللي مطلعها، وطبعاً في إشاعات بتضايقني جداً جداً، لكني باحس إني مش عايزة أريّح اللي طلعها، مش عايزة أبسطه وأريّحه بإني أتضايق.
ـ أنا لسه مهتم أفهم التكنيك والطريقة اللي بتتعاملي بيها مع الهجوم والضغوطات اللي جاية من براكي، يعني في فيلمك الجميل (ضحك ولعب وجد وحب) كان للشخصية اللي لعبتيها غرفة مقفولة بجدران عازلة للصوت، وكلما حست بالاكتئاب تدخل جواها وتصرخ عشان تنفّس عن أحزانها وغضبها، هل عندك غرفة زي دي في حياتك؟
كنت أتمنى، ياااه، ياريت، لكن عارف زمان كنت باعمل حاجة تانية شبه كده، كنت باطلع عند الأهرامات بالليل لوحدي وأقعد أصرّخ، كانت المنطقة دي مفتوحة وفاضية، فكنت كلما أحس إني مكتومة كده ومكبوسة آخد عربيتي وأطلع هناك وأقعد أصرّخ وأصوّت وألعن كل اللي مضايقني ومزعلني وأرجع.
ـ آخر مرة عملتي فيها كده كانت امتى؟
(تضحك) لا ده كان من سنين طويلة، دلوقتي مع الزحمة حِلّني على ما أطلع لنص شارع الهرم أكون نسيت الصرخة اللي عايزة أصرخها.
ـ طيب بتنفّسي عن نفسك إزاي دلوقتي؟
باحرص على إني أفرّغ أحزاني أول بأول، طبعا ده مش سهل لإنك أحياناً بتفقد سيطرتك على نفسك.
ـ تقصدي بالبكاء؟
طبعا، الدموع بتريحني جداً.
ـ أحمد زكي مثلاً قال لي إنه بيستعين بالحبوب المهدئة عشان يخرج من حالة التوتر؟
لا، أنا ضده ده تماماً، ما بافضلش الحبوب المهدئة، يعني لو أنت مضايقني كصديقي أو كشريك في عمل أروح لك وأقول لك انت عملت كذا وكذا، أفرغ الشحنة على طول، يعني ربما توضح لي موقفك وأرتاح، لكن في ناس برضه مهما قالوا أو عملوا ولا يعنوا بالنسبة لي أي شيء ولا يفرقوا معايا، وما يستاهلوش حتى الحبوب المهدئة (تضحك).
ـ البعض بيروح لطبيب نفسي او معالج نفسي؟
وماله، ليه لأ، لو احتجت ممكن أروح طبعاً.
ـ يعني عندك دلوقتي طبيب نفسي بتروحي له؟
أيوه ودايماً كنت باروح لأطباء نفسيين، وما باخجلش من ده، وأحياناً باحس إني لازم أروح لدكتور وأتكلم معاه، ويكون البني آدم ده أمين جداً معايا كطبيب، ده شيء صحي إنك تتكلم مع شخص مش هيستخدم اللي هتقوله ليه كشيء يلوي بيه دراعك في يوم من الأيام، دي ميزة الطبيب النفسي إنه مش هيستغل نقاط ضعفك ضدك أبداً.
ـ إلى أي مدى أثر الفن على صحتك النفسية والعصبية؟
الجهاز العصبي ليّ ولأي فنان كتر خيره إنه يستحملني والله، لإنك دايماً في شغلك وحياتك ومقابلتك للناس ومعاملاتك العادية والإشاعات اللي بتطلع عليك بتتعرض للصعود والهبوط، وانت طالع عينيك ومطالب بإنك تضحك وتبتهج، حتى وانت داخل الاستديو وعندك هموم الدنيا ما فيش ذنب للعمال إنهم يشوفوك وانت متضايق، إلا طبعاً لو كنت متضايق منهم، ده موضوع تاني (تضحك) لازم تواجههم طبعاً وتفرغ الشحنة اللي جواك، ده مهم جداً للصحة النفسية.
ـ لما الواحد بيقرا تفاصيل حياة الفنانين في مصر والعالم، يلاقي إن العدو الأول ليهم أو المشكلة الأكبر هي الاكتئاب وفقدان التوازن اللي ممكن يأدي لفقدان العقل والأعصاب أحياناً، إيه ضمانتك لعدم حدوث ده معاكي؟
ما فيش ضمان، ماحدش عنده ضمان خالص، أنا بس باحرص إني أكون سويّة مع نفسي على قد ما أقدر، وإني أدرك أن استمرار نجوميتي أو نجاحي أو اختفاءهم مرهون بذكائي وإزاي أستعمل طاقتي، أتصور إن ده هو الضمان الوحيد، وباحرص دايماً إني أفكر نفسي بإنه ما ينفعش أؤمن بإنه أنا ومن بعدي الطوفان في كل الحالات، لإن ده هيخليني مقفولة على نفسي ومش هاشوف أي أخطاء ممكن أرتكبها وهي دي النهاية الحقيقية للفنان.
ـ سمعتك مرة بتتكلمي عن فكرة غسيل الروح، بتعملي ده إزاي؟
بإني أكون مصالحة نفسي جداً، وبإني يكون في عَمار كبير في علاقتي مع ربنا، أغسل روحي معاه، لإنه أكتر من أئتمنه على نفسي.
ـ طيب بتتعاملي إزاي مع اللي بيحاربوكي؟ بالتأكيد في ناس بتحاربك؟
حتى لو كان في اللي بيحاربني، مش هافكر فيه ولا يعنيني بنفس القدر اللي هو مشغول بيا، أنا مش فاضية ولا ناوية أحارب غيري ولا عايزة أعرف إزاي باتحارب، أنا باحارب بسلاح واحد، هو إني ست ماشية صح أحب شغلي ودوغري وأحترم نفسي.
...
نكمل غداً بإذن الله.