الوساطة القطرية وأزمة الرهائن والعدوان على غزة

31 أكتوبر 2023
+ الخط -

في دراسة بعنوان: "دور الوساطة في التعامل مع الأزمات الدولية.. الوساطة القطرية نموذجاً"، يرى الباحث محمد عيسى المهندي أنّ أحد أسباب نجاح بلاده في وساطاتها في الأزمات الدولية يرجع إلى "حرص الدبلوماسية القطرية على لعب دور رئيسي في بناء علاقة متوازنة مع الدول الناشطة في السياسة الخارجية الدولية، والتزامها بمبادئ النزاهة والرغبة القوية في حل النزاعات".

ونظراً لعلاقاتها الجيّدة مع الولايات المتحدة الأميركية، ومع حركة حماس الفلسطينية، تضطلع قطر بدور أساسي في الجهود الرامية إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ عملية "طوفان الأقصى" التي شنتّها على "إسرائيل" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

تقول حكومة الاحتلال إنّ حماس خطفت خلال هجماتها 203 أشخاص بينهم أجانب وإسرائيليون وحاملو جنسيتين إسرائيلية وأجنبية، إلا أنّ حركة حماس أفرجت الأسبوع قبل الماضي (وبوساطة قطرية) عن محتجزتين أميركيتين (أم وابنتها) لدواعٍ إنسانية، كما أفرجت لاحقًا عن امرأتين مسنتين.

قبل أيام، نقلت شبكة سي أن أن الأميركية عمّا وصفتها بالمصادر الدبلوماسية المطلعة على المفاوضات، أنّه تمّ إحراز "تقدم كبير" في المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، لكن "لا تزال هناك مسائل عالقة".

تضطلع قطر بدور أساسي في الجهود الرامية إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ عملية "طوفان الأقصى" 

وقال شخص مطلع على الاجتماعات (وفقاً للمصدر السابق)، إنّ مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، موجودة في الدوحة لعقد اجتماعات مع القيادة القطرية.

غير أنّ وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، محمد الخليفي، وصفها بالقول "المفاوضات صعبة للغاية"، مضيفًا في مقابلة مع شبكة سكاي نيوز أنه "مع تزايد العنف واستمرار القصف كلّ يوم أصبحت مهمتنا أكثر صعوبة".

كاتب المقالة استطلع رأي المحامي المختص في حقوق الإنسان ومراقبة الصراعات، جونثان هوتسون، الذي أفاد بقوله "تقوم قطر بدور مفيد في إبقاء خط الاتصال مفتوحًا لتأمين إطلاق سراح الرهائن كما فعلت في أزمات أخرى من قبل".

وأضاف الخبير الأميركي، بقوله "في حين قد يتساءل البعض عمّا إذا كانت قطر متعاطفة مع حماس، فإنّ الحقيقة تقول إنه يجب أن يقوم شخص ما بلعب دور المفاوض، وأيّ مراقب عاقل سيعترف بوجود معاناة غير عادلة واعتبارات إنسانية في غزة.. هناك حاجة إلى تفكير جديد ونهج جديدة لإيجاد السلام".

من ناحيتها، تعتقد الباحثة في قضايا السلام وفضّ النزاعات، كارولين فرامبتون، أنّ الوساطة القطرية يمكن أن تصطدم بعقبات صعبة "لأنّ الدوحة تحاول التوّسط من أجل حل وسط، بينما تريد إسرائيل والولايات المتحدة الضغط من أجل محو غزة"، بحسب وصفها.

لو لم يكن لقطر نافذة تواصل جيدة مع إيران لما أمكنها المساهمة في تحرير الرهائن الأميركيين عبر الصفقة التي تمّ التوّصل إليها في سبتمبر/ أيلول الماضي

وزادت الباحثة الإيرلندية في حديثها مع الكاتب "أعتقد أنّ مفاوضات الرهائن هي مجرّد وسيلة لتأخير الغزو البري"، قبل أن تتساءل "هل يتم التفاوض على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والإبقاء على مليوني رهينة فلسطيني في المقابل؟".

بشكلٍ عامٍ، ترى الدوحة أنّه يمكنها لعب دور من خلال إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع كلّ القوى حتى الدول والمنظمات التي لا يحبذ العالم الغربي التعامل معها، مثل إيران وحماس وطالبان، فلو لم يكن لقطر نافذة تواصل جيدة مع إيران لما أمكنها المساهمة في تحرير الرهائن الأميركيين عبر الصفقة التي تمّ التوّصل إليها في سبتمبر/أيلول الماضي، ولما نجح اتفاق الدوحة بين الولايات المتحدة الأميركية وطالبان عام 2020.

يمكن القول إنّ الوساطة التي تقوم بها الدوحة حاليّاً لحلّ أزمة الرهائن ووقف العدوان على غزة هي الأصعب على الإطلاق، ويبقى التحدي أمام الدبلوماسية القطرية في كيفية إدارة المفاوضات غير المباشرة بين حماس وحكومة الاحتلال بما يضمن وقف العدوان وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وانسياب المساعدات مقابل الإفراج عن الرهائن، فقطر بالتأكيد ستكون حريصة على سمعتها ونفوذها في غزة، إذ ظلّت على مدى السنوات الماضية تدفع رواتب موظفي القطاع، وتقوم بإنشاء مشاريع إنسانية واقتصادية كبيرة، إلى جانب انخراطها سابقاً في المحادثات الشاقة التي هدفت إلى إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.