السنوار قيادة وجهاد أسطوري
يُعتبر يحيى السنوار من أبرز الشخصيات القيادية في الساحة الفلسطينية، حيث يجسد رمز المقاومة والعزة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وُلد في عام 1962 في خانيونس، وبدأ نشاطه السياسي مبكرًا، ما جعله ينغمس في تفاصيل النضال الفلسطيني ويكتسب خبرات متعددة في المجالات السياسية والعسكرية.
تأسست حركة حماس في نهاية الثمانينيات باعتبارها جزءاً من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وكان للسنوار دور حاسم في تشكيل استراتيجيات الحركة. لم يكن نشاطه مقتصرًا على العمل العسكري فحسب، بل امتد إلى بناء قاعدة شعبية واسعة وتعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية. خلال فترة اعتقاله، استطاع أن يُبقي على الروح المعنوية للمقاومة حية، حيث قاد عمليات تنظيمية من خلف القضبان، ما عكس قدرته الفائقة على القيادة.
خلال أكثر من 20 عامًا من الاعتقال، استخدم السنوار هذه الفترة لبناء شبكة من العلاقات والدعم بين الأسرى وأعضاء الحركة. استغل كل فرصة لتعزيز التواصل مع الخارج، ما ساعد في تطوير استراتيجيات المقاومة التي تعتمد على الفهم العميق للواقع الإسرائيلي. لقد أثبت أن القيادة ليست فقط مرتبطة بالوجود الجسدي، بل أيضًا بالقدرة على التأثير وتحفيز الآخرين.
يمتلك يحيى السنوار رؤية استراتيجية واضحة للمقاومة، فهو يدرك أهمية توحيد الصفوف بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، ويعمل على تعزيز التعاون بينها من أجل تحقيق أهداف مشتركة. هذه الرؤية تُمثل تحديًا كبيرًا للاحتلال، الذي يسعى دائمًا لتفكيك الوحدة الفلسطينية. السنوار يؤمن بأن القوة الحقيقية تكمن في الوحدة والتنسيق، وهذا ما جعله شخصية محورية في الساحة السياسية.
تأسست حركة حماس في نهاية الثمانينيات باعتبارها جزءاً من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وكان للسنوار دور حاسم في تشكيل استراتيجيات الحركة
تُعتبر خطبه وكلماته مصدر إلهام للملايين من الفلسطينيين. يتحدث السنوار بلغة الشعب، مُعبرًا عن تطلعاتهم وآمالهم، وهو ما يعزز الروح المعنوية ويُشجع على المقاومة. إن تأثيره يتجاوز الحدود الجغرافية، إذ يُعتبر رمزًا لكل من يسعى للحرية والكرامة. الاحتلال الإسرائيلي يدرك أن كل كلمة ينطق بها السنوار يمكن أن تُشعل فتيل المقاومة، ما يزيد حالة القلق والرعب في صفوف الاحتلال.
تحت قيادته، شهدت حركة حماس تطورًا ملحوظًا في قدراتها العسكرية. لقد تمكن من تحديث استراتيجيات الحركة وتطوير تقنيات جديدة، ما ساهم في تعزيز قدرتها على الرد على الاعتداءات الإسرائيلية. إن وجوده بصفة قائد على الأرض يُعزز قدرة حماس على تنفيذ عمليات مُباغتة، وهو ما يُشكل تهديدًا حقيقيًا للاحتلال.
على يديه تربى قادة ميدانيون ورجال عظماء سيحملون القضية الفلسطينية ويستمرون في النضال من أجل الحرية والكرامة. لقد زرع فيهم قيم المقاومة والفداء، وألهمهم ليكونوا جزءًا من هذا الكفاح المستمر.
واليوم، الموافق 17 أكتوبر 2024، ارتقى شهيدًا وقائدًا، ومقدامًا وحكيمًا، ومؤمنًا شامخًا مُلبيًا نداء ربه. واجه الأعداء بشجاعة لا تتزعزع، مظهرًا بسالة لا يمكن إنكارها. لم تكن لدى العدو أدنى فكرة عن موقعه، بل جاءهم بلقاء غير متوقع! وبفضل تضحياته العظيمة على مر السنين، نال شرف الشهادة التي لم يستطع العدو طمسها، ملتحقًا بالقائد هنية وقوافل الشهداء. نعم، رحل السنوار، لكننا نؤمن بأن في فلسطين ألف سنوار، يحملون راية المقاومة، ولن يتراجعوا حتى تحقيق النصر والحرية.