الرئيس يعدكم بالفقر والترامادول

03 أكتوبر 2023
+ الخط -

الذين يأخذون اللحم من المائدة

يعلمون القناعة.

الذين ينالون المزايا

يطلبون التضحية.

الذين يأكلون ملء بطونهم

يحدثون الجوعى عن عصور رائعة قادمة.

الذين يقودون البلاد إلى الهاوية

يصفون الحكم بأنّه بالغ الصعوبة على الرجال العاديين.

(برتولد بريخت).

حكاية وطن

خطب الرئيس المؤتمن عبد الفتاح السيسي، من داخل مؤتمر "حكاية وطن"، في شعبه عن الفقر، وحدثهم عن أهمية الجوع من أجل الوطن والنهضة والبناء والتنمية، ثم على ذات منوال "أنا أو الفوضى"، التي صاح بها المخلوع حسني مبارك من قبله، قال فخامته ما ملخصه "أنا أو الترامادول".

الجوع ثمن التقدّم

قال الرئيس يوم السبت: "إنّ مشكلة مصر في السنوات الماضية هي اهتزاز ثقة المصريين أنفسهم"، وأضاف: "الناس مكنتش مصدقة إن ممكن نعمل طريق أو كوبري.. واستكتروا على نفسهم طريق وكوبري وقالك ده كتير.. كتير إيه يا راجل، ده لسه بدري أوي من العمل والجهد والمثابرة"، وتابع: "لو كان البناء والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان اوعوا يا مصريين متقدمهوش. اوعوا تقولوا ناكل أحسن". ثم أردف قائلا: "والله العظيم لو ثمن التقدم والازدهار للأمة إنها متاكلش ومتشربش زي ما الناس بتاكل وتشرب يبقى مناكلش ومنشربش".

الترامادول للفوضى

قال الرئيس يوم الأحد: "أنا كنت بكلم السادة أعضاء مجلس القضاء الأعلى الصبح، وقلت لهم تخيلوا أنا ممكن أهد مصر بـ2 مليار جنيه، وهم استغربوا جدا، قلت لهم أدي باكتة و20 جنيه وشريط ترامادول لـ100 ألف إنسان ظروفه صعبة، أنزله يعمل حالة". وتابع: "أنا مش هديله عشرين جنيه، الدنيا غليت، أنا سأعطيه ألف جنيه، أنزله 10 أسابيع، بما يكلف مليونا كلّ أسبوع لمدة 10 أسابيع، أي بمليار جنيه.. أهد بلد فيها 100 مليون أو 105 ملايين بمليار جنيه، يعني 30 مليون دولار، فيه ناس بتصرفهم في حفلة".

أسئلة:

ماذا لو كان قائل هذا الكلام هو أحد المعارضين لنظامه، سواء في الداخل أو الخارج؟ ماذا لو كان هذا الكلام في عهد الرئيس محمد مرسي؟

المتتبع لخطابات الرئيس، سيجده في كثير من الأحيان يمن على الشعب ويعايره بفقره وجوعه، بل وكما حدث أخيراً يطلب منه أن يجوع أكثر! فهل هذا يليق، هل هكذا تُدار الدول، هل هذه هي المسؤولية؟ 

 لا تزيدوا جراح الشعب المصري وأوجاعه، فالصابر إذا غضب لا يبقي ولا يذر، ولا أحد يريد لهذا الوطن مزيداً من الانحدار

إذاً لماذا أصبحت رئيساً؟ ولماذا بقيت في منصبك دورتين رئاسيتين، وتطمح لدورة ثالثة؟ فكيف تريد من الناس احتمالك؟ وهل هذه هي المسؤولية؟ كيف يمكن لك يا رئيس أكبر دولة عربية أن تخرج على شاشات الفضائيات، ومن داخل مؤتمر سميته "حكاية وطن"، لتطلب من شعبك الجوع، وتهدّده بالترامادول؟ هل الوطن للجوع؟

يحيا الأمل

الشعب المصري يعاني ويلات كلّ شيء منذ عشر سنوات، وتحمّل الكثير، ويريد هذه المرّة أن يتنفس قليلاً، ويأمل انتخابات رئاسية تساعده على التغيير. فلا تزيدوا جراحه وأوجاعه، فالصابر إذا غضب لا يبقي ولا يذر، ولا أحد يريد لهذا الوطن مزيداً من الانحدار.

يحاول الآلاف منذ أيام القيام بممارسة حقوقهم السياسية وعمل توكيلات لمرشح رئاسي محتمل، وتأبى السلطة ورأسها إلا وأد محاولاتهم. مع أنّ الجميع وأنا وأنت نعلم أنّها محاولة، وأنّك ستبقى، لكننا نريد مغازلة الأمل الذي داعبنا.

دعوا الناس تغازل الأمل، فشعب بلا أحلام لن تقوم له قائمة، ولن تنفعه طرق وأرصفة وكباري، وستتوالى عليه الهزائم

فدعوا الناس تغازل الأمل، فشعب بلا أحلام لن تقوم له قائمة، ولن تنفعه طرق وأرصفة وكباري، وستتوالى عليه الهزائم. وكلنا خاسرون. ولن يكون لنا وطن. ولتعلم يا سيادة الرئيس، أنّ الجائع الذي هدّدته لن يبني وطناً.

الشبع والحرية والأمل هي بانية الوطن.

نحن الوطن!

إن لم يكن بنا كريماً آمناً

ولم يكن محتوماً

ولم يكن حُراً

فلا عشنا.. ولا عاش الوطن!

(أحمد مطر)

عبد الرحمن فارس
عبد الرحمن فارس
محرر أول، من أسرة العربي الجديد. (طفلٌ صغيرٌ في جحيمِ الموجِ حاصرهُ الغرق). منفي، خامل اجتماعيا، مؤمنٌ بالحرية. مدينٌ لثورة 25 يناير بكثيرٍ لا ينتهي.