الجحيم (2)... 12 ساعة في الجحيم!
تتفق أو تختلف مع تيارات الإسلام السياسي، تحبهم أو تكرههم.. تتفق أو تختلف مع فض اعتصامي رابعة والنهضة بهذه الطريقة الوحشية هذا شأنك، وهذا "اختيارك" وسوف تحاسب عليه أمام الله وأمام التاريخ.. لكن إياك أن تكذب حاسة الإبصار وتهين النظر.
الرابع عشر من أغسطس/ آب من عام ألفين وثلاثة عشر، هو يوم فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة المسلحة، ربما لم تكن لتصدق لو روى لك أحدهم بشاعة ما حدث في ذلك اليوم..
مهما حاولتم ليَّ الحقائق، مهما حاولتم التدليس على الناس، مهما حاولتم تبرئة أنفسكم وإدانة الآخرين.. فاختياراتكم كاذبة ومسلسلاتكم فاشلة
ربما لم تكن لتصدق لو قرأت ما حدث في كتب الحروب والكوارث وأحداث العنف الكبرى، وحتى لا تعيش في حالة من الجدال النفسي ما بين التصديق والتكذيب، التهوين والتهويل، وحتى تقطع الشك باليقين، جاءك الحدث بالصوت والصورة إلى داخل منزلك، وربما داخل غرفة نومك من خلال التلفاز الفاضح، ورأيت وشاهدت بأم عينيك مجزرة حقيقية ضد آلاف المصريين، كثير منهم من الأطفال والنساء.
12 ساعة، من السابعة صباحا إلى السابعة مساء.. 12 ساعة من المشاهد المرعبة والمؤلمة.. 12 ساعة من الوحشية والدماء.. 12 ساعة من الخوف والرعب والصراخ.. 12 ساعة من القتل العشوائي، قتل الأطفال، النساء، الشيوخ، الشباب، الرجال.. 12 ساعة من قتل الجميع.. 12 ساعة قتل بلا تمييز.. 12 ساعة من الحرق، حرق الجثث، حرق الخيام، حرق المصاحف، حرق المسجد، وكأنهم يحرقون قلوب المصريين على حاضرهم ومستقبلهم.. 12 ساعة من الجحيم سقط فيها مئات القتلى وآلاف الجرحى.. 12 ساعة لخصت الحاضر واختصرت المستقبل.
وفي مشهد أكثر إيلاما ومع نهاية ساعات الجحيم، تشاهد كيف احتفل الجنود المصريون البواسل بانتصارهم على آلاف المصريين العزل، تشاهد كيف هللوا ورقصوا وكبروا وكأنهم حرروا أم الرشراش (إيلات)، أو القدس المحتلة، مشهد يجعلك تلعن يوم ميلادك، تلعن حياتك وتتشكك في كل شيء منظور أو محتمل أو غيبي.
لم يكن الهدف من تلك المجزرة (رابعة) هو فض الاعتصام وكفى، بل كان الهدف الأكبر هو استباحة الدماء، وتعويد المصريين على تلك المشاهد المفجعة، فشاهدنا الدماء في الشوارع والطرقات والبيوت وداخل أحرام الجامعات، وكذلك الخضوع والامتثال الإجباري لمن يمتلك شرعية القوة.
مهما حاولتم ليَّ الحقائق، مهما حاولتم التدليس على الناس، مهما حاولتم تبرئة أنفسكم وإدانة الآخرين.. فاختياراتكم كاذبة ومسلسلاتكم فاشلة.
رابعة مجزرة بشعة.. رابعة جريمة كبرى لن تسقط بالتقادم.