الأسباب الحقيقية وراء الهجوم على مونديال قطر
تتعرّض دولة قطر، منذ مدّة ليست بالقصيرة، لحملات إعلامية منظّمة من قبل جهات، لا تريد، ربما، أن ترى دولة عربية مسلمة ناجحة في تنظيم أكبر تظاهرة رياضية على المستوى العالمي، بحيث نرى، أنه مع اقترب موعد انطلاق صافرة المباراة الأولى والافتتاحية لكأس العالم في قطر 2022، تشتدّ هذه الحملات الإعلامية المشبوهة والموجّهة ضد دولة قطر، أكثر فأكثر.
وإذا بحث المرء عن مصدر هذه الهجمات التي تريد تشويه صورة قطر، وتصويرها على أنها "غير قادرة على تنظيم كأس العالم كما ينبغي"، نجدها تصدر من صحف وقنوات تابعة لدول غربية وأوروبية على وجه الخصوص، ومعها أيضاً دول عربية (للأسف الشديد)، مدعية أنّ النسخة التي ستنظمها قطر ستفشل، بسبب صغر مساحتها الجغرافية، فما علاقة نجاح التنظيم من عدمه بصغر المساحة أو ضخامتها؟
وبالرغم مما تدعيه العديد من وسائل الإعلام الغربية من مصداقية وأمانة في نقل الخبر وتحليله، فإنّ كثيراً منها، أبان عكس ذلك، سواء بقصد أو بدونه، خاصة عندما يتعلّق الأمر بدولة قطر، حيث نُشرت العشرات، بل المئات من المقالات التي تقول فيها إنّ "عدداً من العمال الأجانب تُوفوا بسبب أوضاع عملهم الشاقة"، مضيفة أنّ أعداداً أخرى طُردت من البلد بدون دفع رواتبها، وفق زعمهم.
والسؤال الذي ينبغي أن يطرح نفسه الآن: لماذا لا تستطيع هذه الوسائل إجراء مقابلة مباشرة مع أحد هؤلاء الذين تقول إنّ السلطات القطرية طردتهم بدون دفع مستحقاتهم، ما دام أنه من المستحيل إجراؤها مع من فارق الحياة منهم، إذا كان ما تدعيه هذه الوسائل صحيحاً؟ لكن لا حياة لمن تنادي. وهذا ما يؤكد عدم صحة ما تروّجه هذه الوسائل الإعلامية من أخبار كاذبة ووهمية، تهدف إلى تشويه السمعة لا غير.
نجاح قطر في تنظيم أكبر تظاهرة رياضية عالمياً، والتي ستكون أفضل نسخة في التاريخ، هو بالنسبة للبعض خسارة
في أبشع صور النفاق الغربي وأبرز تجلياته، خرجت لنا الصحف الغربية، وبالخصوص الفرنسية، مؤخراً في صورة إنسانية و"كيوتية" مفرطة، مبديةً أسفها على عدم سحب تنظيم كأس العالم 2022 من دولة قطر، بسبب ما أسمته "سوء أوضاع العمالة الوافدة هناك"، وهذه الصحف نفسها "ذات المصداقية العالية أكثر من اللازم"، لم تجرؤ ذات يوم، على الحديث عن التاريخ الأسود لبلدها في الدول التي استعمرتها سابقاً، والجرائم والنهب الذي مُورس ويمارس في كثير من الدول الأفريقية تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
وما يؤكد أنّ هذه الحملات الإعلامية المشبوهة قد صدرت وتصدر عن جهات نافذة، هو إعلان السلطات الفرنسية عدم سماحها بإذاعة مباريات كأس العالم في الشاشات الضخمة بالساحات والأماكن العامة، عكس ما كانت تفعله في النسخ السابقة، للأسباب نفسها التي ذكرناها، ناسية أو تناست عمداً، أنه في النسخة الماضية، والتي نظمتها روسيا سنة 2018، عندما كانت الطائرات الحربية الروسية تهدم المنازل فوق رؤوس السوريين، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون آنذاك في غاية السرور، وهو يرقص مع رئيسة كرواتيا، كوليندا جرابار كيتاروفيتش، في أحد ملاعب موسكو، دون أن يحدثوا ولو 1% من الضجة التي أحدثوها الآن. فأين هي هذه المعايير؟ وأين هي المبادئ؟ أم أنّ القطريين ليس لهم شعر أصفر ولا عيون زرقاء؟
رغم محاولة كثير من وسائل الإعلام الغربية نفي تبعيتها لجماعات الضغط واللوبيات النافذة، والمعروفة بكرهها الشديد لكلّ ما يتعلق بالإسلام والمسلمين، فإنّ حملتها الأخيرة ضد دولة قطر دون وجود أي مبرّر لها، كشفت المستور وأظهرت الحقيقة التي لطالما غُيبت عن كثير من الناس. ورغم ما تدعيه من أسباب وهمية وادعاءات باطلة تجاه قطر، فإنّ الواقع يثبت غير ذلك، وإليكم الأسباب الحقيقية بعيداً عن البروباغندا الممنهجة.
السبب الأول وراء الهجوم الإعلامي على قطر، يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة هذه اللوبيات السياسية المتحكّمة بالإعلام الغربي في عدم نجاح القطريين في تنظيم كأس العالم 2022، بحكم أنّ بعضهم يحقد على كلّ ما له علاقة بالعرب والمسلمين. فنجاح قطر في تنظيم أكبر تظاهرة رياضية عالمياً، والتي ستكون أفضل نسخة في التاريخ، هو بالنسبة لهم خسارة.
جميع الحملات الإعلامية المشبوهة والمغرضة التي تعرّضت لها قطر باءت بالفشل التام
السبب الثاني، هو عدم سماح السلطات القطرية بهبوط الطائرات الإسرائيلية في المطارات القطرية، أو حتى مجرّد مرورها داخل الأجواء الحدودية لدولة قطر، وهو الأمر الذي لم يستسغه الإسرائيليون حتى الآن، فأوعزوا إلى إعلامهم المحلي بالهجوم، مع العلم بأنّ إسرائيل لها نفوذ واسع داخل الدول الغربية، وهو ما يفسّر جزءاً من حقيقة هجوم الإعلام الغربي عموماً على قطر، زد على ذلك تخوّفهم من النداءات الشعبية العربية التي تطالب برفع الأعلام الفلسطينية في الملاعب، وهو الشيء الذي اعتبروه استفزازاً لهم، كردة فعل على من طالب برفع الأعلام الأوكرانية.
السبب الثالث، هو تشبّث القطريين بمبادئهم الإسلامية وأصالتهم العربية، وإيمانهم الراسخ بأنّ الرياضة أخلاق ومبادئ قبل أن تكون لعباً ولهواً، وقد زادت هذه الحملات المنظمة، بعد إعلان السلطات القطرية رفض كلّ ما من شأنه أن يخل بالحياء العام.
السبب الرابع هو أنّ الصحف البريطانية حاولت التشكيك منذ سنوات في قدرة قطر على تنظيم المونديال، بسبب فشل بريطانيا في الحصول على شرف تنظيم النسخة السابقة التي نظمتها روسيا، بحيث إنّ البريطانيين سحبوا ملف ترشحهم لاستضافة مونديال 2022، وفي الأخير لم يحصلوا على حق استضافة، لا السابق ولا الحالي، ولا حتى المقبل، والذي ستنظمه أميركا وكندا والمكسيك.
جميع الحملات الإعلامية المشبوهة والمغرضة التي تعرّضت لها قطر منذ أن جرى إعلانها فائزة بشرف تنظيم كأس العالم 2022، باءت بالفشل التام، ورغم كثرتها، فإنّها لم تزد القطريين إلا إصراراً وحماساً في محاولة تقديم أفضل وأحسن نسخة للمونديال على مرّ التاريخ، وهي ستكون كذلك إن شاء الله (حقيقة لا مجازاً) بحكم أنّ جميع المؤشرات تؤكد ذلك.
وأمام هذه الهجمات الإعلامية المنظمة ضد الأشقاء في قطر، دشن الآلاف من النشطاء العرب حملات موازية على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، معلنين فيها تضامنهم الكامل مع دولة قطر أمام ما تتعرّض له من هجوم إعلامي غير مبرّر، مؤكدين كذلك على ثقتهم التامة في نجاح الإخوة القطريين في تنظيم كأس العالم على أحسن وأكمل وجه. وقد انتشرت حملات النشطاء العرب لدعم قطر، تحت هاشتاغ "أنا_عربي_أنا أدعم_قطر"، وبه أختم أنا أيضاً.