في أواخر عام 2011، صدرت الحلقة الافتتاحية من مسلسل بريطاني ذي حلقات منفصلة يسمى Black Mirror. في الدقائق الأولى منها، فوجِئ المشاهدون بموقفٍ دراميّ مُباشر ومُعّقد. إرهابيٌّ يخطُف أميرة بريطانيا ويطلب من رئيس الوزراء أن يخرج على شاشة التلفزيون في اليوم التالي عارياً (ويفعل بعض الأشياء الأخرى)، قبل الرابعة من ظهر اليوم التالي، وإلا فسيقتل الأميرة. وسريعاً، يتعقّد الموقف، ويصبح المشاهد متورطاً في الضغط والإثارة بسبب تدخل الإعلام واستغلال يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي والسؤال عما سيفعله رئيس الوزراء، لتتشكل حلقة خاطفة جداً للأنفاس. لاحقاً، صدرت حلقتان، كل منهما بحكاية وأبطال وصناع مختلفين. وبدا واضحاً ما يدور المسلسل حوله: المستقبل المظلم. يأخذ صناع المسلسل تفاصيل على الهوس التكنولوجي في عصرنا الحالي، ويحولونها إلى حلقة تلفزيونيّة قاتمة. ووصل إلى قمة نجاحه في ذلك العام مع حلقته الثالثة The Entire History of You التي اعتبرها بعض النقاد فيلماً رائعاً يدور حول الذاكرة وقدرة البشر في المستقبل على تخزين ذاكرتهم داخل عقولهم.
ورغم التقييمات النقدية والجماهيرية الجيدة جداً للمسلسل في ذلك الوقت، إلا أن كونه بريطانياً وليس أميركياً قلّل من انتشاره. خصوصاً حين جاءت الحلقات الثلاثة للموسم الثاني (الذي صدر في مطلع 2013) أضعف كثيراً وأقل خيالاً. وكان المسلسل قاب قوسين أو أدنى من التوقف تماماً، قبل أن تأتي أهم لحظة في تاريخ صُنّاعه، وهو قرارهم بصنع حلقة خاصة ووحيدة، وقد تكون أخيرة، وستصدر أواخر العام، وتسمى White Christmas، حلقةٌ متداخلة ٌ(كانت في الحقيقة نتاج دمج ثلاثة أفكار في حكاية واحدة) عن مستقبل يصنع فيه الناس نسخاً أخرى منهم لتقوم بخدمتهم، ويصبحوا قادرين على عمل "بلوك" لمن يغضبهم في الحياة، فلا يرونه ولا يراهم حتى في الصور. وجاءت مدة الحلقة ساعة و13 دقيقة، لتحقّق نجاحاً استثنائيّاً، يقارب نجاح الأفلام فعلاً، وهو الأمر الذي لم يمنح فقط الفرصة لاستمرار المسلسل، ولكن حدث الأهم: انتقل لأميركا.
قررت شبكة التلفزيونية التي تعرض إنتاجاتها عبر الإنترنت، وتعتمد اقتصادياً على اشتراكات عشرات الملايين حول العالم، أن تشتري حقوق المسلسل، ويصبح بميزانية أعلى، وظلت عملية الإنتاج قائمة لمدة عامين ونصف، قبل صدور الموسم الثالث (المكون من 6 حلقات تلك المرة) في أواخر أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، ليسبِّب هوساً في العالم، وينافس حول أفضل المسلسلات التي عُرِضَت هذا العام. عوضاً عن أنه بالتأكيد أكثر عمل تلفزيوني استقطب مشاهدين جددا. وظل المسلسل محتفظاً بكل مميزاته، المرتبطة بالعوالم المدهشة، وقدرته على خلق شيء مستقبلي قاتم مرتبط بما يحدث في الحاضر، وكذلك تجاوز بعض عيوب الكتابة في بعض الحلقات، أو الفقر الإنتاجي الذي كان واضحاً في بعض الحلقات البريطانية القديمة.
حلقات الموسم الجديد الستة دارت بالتأكيد في المستقبل، في الافتتاحية التي أخرجها المخرج المرشح لـ "الغولدن غلوب"، جو رايت، هناك عالم مستقبلي يقوم فيه الناس بتقييم بعضهم (من 1 إلى 5). وترتبط مكانتك الاجتماعية والأماكن التي قد تذهب إليها ومعارفك بحجم تقييمك، مما يدمر حياة البشر، ويحولها لزيف كامل بسبب محاولة الحصول على تقييم أعلى دوماً.
اقــرأ أيضاً
لاحقاً، هناك حلقات عن مستقبل تتحول فيه لعبة "كمبيوتر" إلى حقيقة، ويفقد البطل القدرة على إيجاد الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال. وفي أخرى، يكون هناك تصورٌ عن علاقتنا بالفضاء. وبالطبع، ثمّة حلقة كاملة عن جريمة مرتبطة بالمواقع الاجتماعية، وهكذا يستمر المسلسل في تحويل كل التفصيلات الحاضرة عن التكنولوجيا والتطور وتعاملنا مع العالم إلى مستقبل كابوسي مفزع.
وبسبب النجاح الحالي، أعلنت شبكة "نت-فليكس" أن الموسم المقبل (المكون أيضاً من 6 حلقات) سيصدر في أواخر 2017.
ورغم التقييمات النقدية والجماهيرية الجيدة جداً للمسلسل في ذلك الوقت، إلا أن كونه بريطانياً وليس أميركياً قلّل من انتشاره. خصوصاً حين جاءت الحلقات الثلاثة للموسم الثاني (الذي صدر في مطلع 2013) أضعف كثيراً وأقل خيالاً. وكان المسلسل قاب قوسين أو أدنى من التوقف تماماً، قبل أن تأتي أهم لحظة في تاريخ صُنّاعه، وهو قرارهم بصنع حلقة خاصة ووحيدة، وقد تكون أخيرة، وستصدر أواخر العام، وتسمى White Christmas، حلقةٌ متداخلة ٌ(كانت في الحقيقة نتاج دمج ثلاثة أفكار في حكاية واحدة) عن مستقبل يصنع فيه الناس نسخاً أخرى منهم لتقوم بخدمتهم، ويصبحوا قادرين على عمل "بلوك" لمن يغضبهم في الحياة، فلا يرونه ولا يراهم حتى في الصور. وجاءت مدة الحلقة ساعة و13 دقيقة، لتحقّق نجاحاً استثنائيّاً، يقارب نجاح الأفلام فعلاً، وهو الأمر الذي لم يمنح فقط الفرصة لاستمرار المسلسل، ولكن حدث الأهم: انتقل لأميركا.
قررت شبكة التلفزيونية التي تعرض إنتاجاتها عبر الإنترنت، وتعتمد اقتصادياً على اشتراكات عشرات الملايين حول العالم، أن تشتري حقوق المسلسل، ويصبح بميزانية أعلى، وظلت عملية الإنتاج قائمة لمدة عامين ونصف، قبل صدور الموسم الثالث (المكون من 6 حلقات تلك المرة) في أواخر أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، ليسبِّب هوساً في العالم، وينافس حول أفضل المسلسلات التي عُرِضَت هذا العام. عوضاً عن أنه بالتأكيد أكثر عمل تلفزيوني استقطب مشاهدين جددا. وظل المسلسل محتفظاً بكل مميزاته، المرتبطة بالعوالم المدهشة، وقدرته على خلق شيء مستقبلي قاتم مرتبط بما يحدث في الحاضر، وكذلك تجاوز بعض عيوب الكتابة في بعض الحلقات، أو الفقر الإنتاجي الذي كان واضحاً في بعض الحلقات البريطانية القديمة.
حلقات الموسم الجديد الستة دارت بالتأكيد في المستقبل، في الافتتاحية التي أخرجها المخرج المرشح لـ "الغولدن غلوب"، جو رايت، هناك عالم مستقبلي يقوم فيه الناس بتقييم بعضهم (من 1 إلى 5). وترتبط مكانتك الاجتماعية والأماكن التي قد تذهب إليها ومعارفك بحجم تقييمك، مما يدمر حياة البشر، ويحولها لزيف كامل بسبب محاولة الحصول على تقييم أعلى دوماً.
لاحقاً، هناك حلقات عن مستقبل تتحول فيه لعبة "كمبيوتر" إلى حقيقة، ويفقد البطل القدرة على إيجاد الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال. وفي أخرى، يكون هناك تصورٌ عن علاقتنا بالفضاء. وبالطبع، ثمّة حلقة كاملة عن جريمة مرتبطة بالمواقع الاجتماعية، وهكذا يستمر المسلسل في تحويل كل التفصيلات الحاضرة عن التكنولوجيا والتطور وتعاملنا مع العالم إلى مستقبل كابوسي مفزع.
وبسبب النجاح الحالي، أعلنت شبكة "نت-فليكس" أن الموسم المقبل (المكون أيضاً من 6 حلقات) سيصدر في أواخر 2017.